في كشف الغمة الثبات بالباء الموحدة بعد الثاء المثلثة وفي آخره تاء لكن لم يظهر المعنى على ما في عامة النسخ ولم يفهم تعليل الرخصة بقلة الثوب اللهم إلا أن يقال إنهم كانوا في بدء الاسلام محتاجين لم يكن عندهم كثير من الثياب حتى قال جابر رضي الله عنه وأينا كان له ثوبان على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم رواه البخاري فلو كان الدخول بلا إنزال موجبا للاغتسال في ذلك الزمان لتحرج أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ولوقعوا في المشقة العظيمة لأن من له ثوب واحد لو اغتسل كل مرة من الدخول منزلا وغير منزل لتحمل المشقة الكثيرة وعلى النسخة التي في كشف الغم معناه ظاهر فإن الناس كانوا في أوائل الاسلام ضعيفي الإيمان قليلي الاستقامة والثبات في أمور الدين ولم يعرفوا كثيرا من أحكام الشرع فأراد النبي صلى الله عليه وسلم تخفيفهم بذلك والله أعلم (ثم أمر) النبي صلى الله عليه وسلم (بالغسل ونهى عن ذلك) وهو عدم الترخيص (قال أبو داود يعني) أي يريد الراوي باسم الإشارة الذي وقع في قوله إنما جعل ذلك (الماء من الماء ) فالماء من الماء مشار إليه للإشارة المذكورة في الحديث والمراد بالماء الأول ماء الغسل وبالماء الثاني المني والمعنى أن إيجاب الغسل إنما يتوقف على الإنزال وأخرج الترمذي وابن شيبة عن ابن عباس أنه حمل حديث الماء من الماء على صورة مخصوصة وهي ما يقع في المنام من رؤية الجماع (أن الفتيا) بضم الفاء وسكون التاء مقصورا وبفتح الفاء أيضا وكذلك فتوى بالضم مقصورا ويفتح ما أفتى به الفقيه والمفتي يقال أفتاه في المسألة أي أجابه (يفتون) بها على علمهم ولعدم الاطلاع على نسخه وكانوا هم جماعة من الصحابة رضي الله عنهم منهم علي وعثمان والزبير وطلحة وأبو أيوب يفتون بذلك كان أخرجه الشيخان في صحيحيهما (أن الماء من الماء) هذا الجملة بدل من قوله الفتيا التي كانوا يفتون (كانت) تلك الفتوى فقوله الفتيا إلى أن الماء من الماء اسم أن وخبره قوله كانت رخصة إلى آخره قال المنذري وأخرجه الترمذي وابن ماجة بنحوه وقال الترمذي هذا حديث حسن صحيح
(٢٥٠)