حال الصلاة وقد أصيب سعد رضي الله عنه يوم الخندق فضرب له خيمة في المسجد فكان هو فيه ودمه يسيل في المسجد فما زال الدم يسيل حتى مات ومن الأدلة الدالة على طهارة دم الجراحة أثر عمر بن الخطاب رضي الله عنه وفيه أنه صلى صلاة الصبح وجرحه يجري دما ومن المعلوم أن الجرح الذي يجري يتلوث به الثياب قطعا ومن المحال أن يفعل عمر رضي الله عنه مالا يجوز له شرعا ثم يسكت عنه سائر أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم من غير نكير فهل هذا إلا لطهارة دماء الجراحات واعترض بعض الحنفية على حديث جابر بأنه إنما ينهض حجة إذا ثبت اطلاع النبي صلى الله عليه وسلم على صلاة ذلك الرجل ولم يثبت قلت أورد العلامة العيني في شرح الهداية حديث جابر هذا من رواية سنن أبي داود وصحيح ابن حبان والدارقطني والبيهقي وزاد فيه فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فدعى لهما قال العيني ولم يأمره بالوضوء ولا بإعادة الصلاة والله أعلم والعهدة عليه قال الشوكاني في السيل الجرار حديث جابر أخرجه أحمد وأبو داود والدارقطني وصححه ابن خزيمة وابن حبان والحاكم ومعلوم أن النبي صلى الله عليه وسلم قد اطلع على ذلك الاستمرار ولم ينكر عليه الاستمرار في الصلاة بعد خروج الدم ولو كان الدم ناقض لبين له ولمن معه في تلك الغزوة وتأخير البيان عن وقت الحاجة لا يجوز انتهى كلامه على أنه بعيد كل البعد أن لا يطلع النبي صلى الله عليه وسلم على مثل هذه الواقعة العظيمة وقد كان ذلك الزمان زمان نزول الوحي ولم يحدث أمر قط إلا أوحى الله تعالى إليه صلى الله عليه وسلم وهذا ظاهر لمن تتبع الحوادث التي وقعت في زمن النبي صلى الله عليه وسلم ولم ينقل أنه أخبره بأن صلاته قد بطلت فإن قلت قد وقع في إسناد حديث جابر عقيل بن جابر وهو مجهول قال الذهبي فيه جهالة ما روى عنه سوى صدقة بن يسار وقال الحافظ لا أعرف راويا عنه غير صدقة انتهى فكيف يصح الاستدلال به قلت نعم عقيل مجهول لكن بجهالة العين لا بجهالة العدالة لأنه انفرد عنه راو واحد وهو صدقة بن يسار وكل من هو كذلك فهو مجهول العين والتحقيق في مجهول العين أنه إنه وثقه أحد من أئمة الجرح والتعديل ارتفعت جهالته قال الحافظ في شرح النخبة فإن سمي الراوي وانفرد راو واحد بالرواية عنه فهو مجهول العين كالمبهم إلا أن يوثقه غير من انفرد عنه على الأصح وكذا من انفرد عنه إذا كان متأهلا لذلك انتهى وعقيل بن جابر الراوي قد وثقه ابن حبان وصحح حديثه هو وابن خزيمة والحاكم فارتفعت جهالته وصار حديث جابر صالحا للاحتجاج وقد أطال أخونا المعظم الكلام في شرح حديث جابر المذكور في غاية المقصود شرح سنن أبي داود وأورد أبحاثا شريفة فعليك أن ترجع إليه
(٢٣٢)