الكتاب انتبه صاحبه فعلى هذا يكون صاحبه فاعله (فلما عرف) الرجل المشرك (أنهم) أي الأنصاري والمهاجري وضمير الجمع بناء على أن أقل الجمع اثنان (قد نذروا به) بفتح النون وكسر الذال المعجمة أي علموا وأحسوا بمكانه يقال نذرت به إذا علمته وأما الإنذار فهو الإعلام مع تخويف (من الدماء) بيان ما والدماء بكسر الدال جمع دم (سبحان الله) أصل التسبيح التنزيه التقديس والتبرية من النقائص سبحته تسبيحا وسبحانا ومعنى سبحان الله التنزيه لله نصب على المصدر بمحذوف أي أبرئ الله من السوء براءة والعرب تقول سبحان الله من كذا إذا تعجبت منه (ألا أنبهتني) أي لم ما أيقظتني (أول ما رمى) منصوب لأنه ظرف لأنبهتني عليه وما مصدرية أي حين رميه الأول (في سورة) وهي سورة الكهف كما بينه البيهقي في الدلائل (أن أقطعها) زاد ابن إسحاق حتى أنفدها فلما تابع علي الرمي ركعت فأذنتك وأيم الله لولا أن أضيع ثغرا أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم بحفظه لقطع نفسي قبل أن أقطعها أو أنفدها والحديث أخرجه محمد بن إسحاق في المغازي وأحمد والدار قطني وصححه ابن خزيمة وابن حبان والحاكم كلهم من طريق بن إسحاق وهذا الحديث يدل بدلالة واضح على أمرين أحدهما أن خروج الدم من غير السبيلين لا ينقض الطهارة سواء كان سائلا أو غير سائل وهو قول أكثر العلماء وهو الحق قال محمد بن إسماعيل الأمرين اليماني في سبل السلام قال الشافعي ومالك وجماعة من الصحابة والتابعين إن خروج الدم من البدن من غير السبيلين ليس بناقض انتهى وقال الحافظ سراج الدين بن الملقن في البدر المنير روى البيهقي عن معاذ ليس الوضوء من الرعاف والقئ وعن ابن المسيب أنه رعف فمسح أنفه بخرقة ثم صلى وعن ابن مسعود وسالم بن عبد الله وطاووس والحسن والقاسم ترك الوضوء من الدم زاد النووي في شرحه عطاء ومكحولا وربيعة ومالكا وأبا ثور وداود قال البغوي وهو قول أكثر الصحابة والتابعين انتهى كلامه وزاد ابن عبد البر في الاستذكار يحيى بن سعيد الأنصاري وقال بدر الدين العيني في شرح الهداية إنه قول ابن عباس وجابر وأبي هريرة وعائشة انتهى وثانيهما أن دماء الجراحات طاهرة معفوة للمجروحين وهو مذهب المالكية وهو الحق وقد تواترت الأخبار في أن المجاهدين في سبيل الله كانوا يجاهدون ويذوقون آلام الجراحات فوق ما وصفت فلا يستطيع أحد أن ينكر عن سيلان الدماء من جراحاتهم وتلويث ثيابهم ومع هذا هم يصلون على حالهم ولم ينقل عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه أمرهم بنزع ثيابهم المتلبسة بالدماء
(٢٣١)