نفسها تتعلق بالبدن على أنها جسم لا عرض بناء على إثبات عالم المثال وأن كل ما هو في هذا العالم عرض له صورة في عالم المثال ولهذا صح عرض الأعراض على آدم عليه السلام ثم الملائكة وقيل لهم أنبئوني بأسماء هؤلاء وإلا فكيف يتصور عرض الأعراض لو لم يكن لها صورة تشخص بها قال وقد حققت ذلك في تأليف مستقل وأشرت إليه في حاشيتي التي علقتها على تفسير البيضاوي ومن شواهده في الخطايا ما أخرجه البيهقي في سننه عن ابن عمر قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول إن العبد إذا قام يصلي أتى بذنوبه فجعلت على رأسه وعاتقه فكلما اركع وسجد تساقطت عنه وأخرج البزار والطبراني عن سلمان قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم المسلم يصلي وخطاياه مرفوعة على رأسه كلما سجد تحاتت عنه انتهى كلام السيوطي قلت لا شك في أن الظاهر هو حمله على الحقيقة وأما إثبات عالم المثال فعندي فيه نظر فتفكر قوله (بطشتها) أي أخذتها (حتى يخرج نقيا من الذنوب) قال ابن الملك أي حتى يفرغ المتوضئ من وضوئه طاهرا من الذنوب أي التي اكتسبها بهذه الأعضاء أو من جميع الذنوب من الصغائر وقيل حتى يخرج المتوضئ إلى الصلاة طاهرا من الذنوب قال أبو الطيب السندي في شرح الترمذي قوله حتى يخرج مترتب على تمام الوضوء لأن تقديره وهكذا باقي أعضاء الوضوء كما يفيد رواية مسلم فإذا غسل رجليه الحديث وروايات غيره انتهى قلت الأمر كما قال السندي فروى مالك والنسائي عن عبد الله الصنابحي مرفوعا إذا توضأ العبد المؤمن فمضمض خرجت الخطايا من فيه وإذا استنثر خرجت الخطايا من أنفه وإذا غسل وجهه خرجت الخطايا من وجهه حتى تخرج من تحت أشفار عينيه فإذا غسل يديه خرجت الخطايا من يديه حتى تخرج من تحت أظفار يديه فإذا مسح برأسه خرجت الخطايا من رأسه حتى تخرج من أذنيه فإذا غسل رجليه خرجت الخطايا من رجليه حتى تخرج من أظفار رجليه ثم كان مشيه إلى المسجد وصلاته نافلة له كذا في المشكاة قال الطيبي فإن قيل ذكر لكل عضو ما يخص به من الذنوب وما يزيلها عن ذلك والوجه مشتمل على العين والأنف والأذن فلم خصت العين بالذكر أجيب بأن العين طليعة القلب ورائده فإذا ذكرت أغنت عن سائرها انتهى قال ابن حجر المكي معترضا على الطيبي كون العين طليعة كما ذكره لا ينتج الجواب عن تخصيص خطيئتها بالمغفرة كما هو جلي
(٢٦)