ثم لزمه وواظب عليه راغبا في العلم راضيا بشبع بطنه وكان يدور معه حيث ما دار وقال البخاري روى عنه أكثر من ثمانمائة رجل فمنهم ابن عباس وابن عمرو وجابر وأنس قيل سبب تلقيبه بذلك ما رواه ابن عبد البر عنه أنه قال كنت أحمل يوما هرة في كمي فرآني رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال ما هذه فقلت هرة فقال يا أبا هريرة انتهى ما في المرقاة وذكر الحافظ الذهبي في تذكرة الحفاظ أنه قال كناني أبي بأبي هريرة لأني كنت أرعى غنما فوجدت أولاد هرة وحشية فلما أبصرهن وسمع أصواتهن أخبرته فقال أنت أبو هر وكان اسمي عبد شمس انتهى قلت روى الترمذي في هذا الكتاب في مناقب أبي هريرة بسند عن عبد الله بن أبي رافع قال قلت لأبي هريرة لم كنيت أبا هريرة قال أما تفرق مني قلت بلى والله إني لأهابك قال كنت أرعى غنم أهلي وكانت لي هريرة صغيرة فكنت أضعها بالليل في شجرة فإذا كان النهار ذهبت بها معي فلعبت بها فكنوني أبا هريرة هذا حديث حسن غريب فائدة اختلف في صرف أبي هريرة ومنعه قال القاري في المرقاة جر هريرة هو الأصل وصوبه جماعة لأنه جزء علم واختار آخرون منع صرفه كما هو الشائع على ألسنة العلماء من المحدثين وغيرهم لأن الكل صار كالكلمة الواحدة انتهى قلت وقد صرح غير واحد من أهل العلم أن منعه من الصرف هو الجاري على ألسنة أهل الحديث فالراجح هو منعه من الصرف وكان هو الجاري على ألسنة جميع شيوخنا غفر الله لهم وأدخلهم جنة الفردوس الأعلى ويؤيد منع صرفه منع صرف ابن داية علما للغراب قال قيس بن ملوح المجنون أقول وقد صاح ابن داية غدوة ببعد النوى لا أخطأتك الشبائك قال القاضي البيضاوي في تفسيره المسمى بأنوار التنزيل في تفسير قوله تعالى شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن رمضان مصدر رمض إذا احترق فأضيف إليه الشهر وجعل علما ومنع من الصرف للعلمية والألف والنون كما منع داية في ابن داية علما للغراب للعلمية والتأنيث انتهى فائدة قد تفوه بعض الفقهاء الحنفية بأن أبا هريرة لم يكن فقيها وقولهم هذا باطل مردود عليهم وقد صرح أجلة العلماء الحنفية بأن رضي الله عنه كان فقيها قال صاحب السعاية شرح شرح الوقاية وهو من العلماء الحنفية ردا على من قال منهم أن أبا هريرة كان غير فقيه ما لفظه كون أبي هريرة غير فقيه غير صحيح بل الصحيح أنه من الفقهاء الذي كانوا يفتون في زمان النبي صلى الله عليه وسلم كما صرح به ابن الهمام في تحرير الأصول وابن حجر في الإصابة في أحوال الصحابة انتهى وفي بعض حواشي نور الأنوار أن أبا هريرة كان فقيها صرح به ابن الهمام في التحرير
(٢٨)