الحديث فهذا ظاهره أن بن دينار لم يسمعه من ابن عمر وليس كذلك وقال ابن العربي في شرح الترمذي تفرد بهذا الحديث عبد الله بن دينار وهو من الدرجة الثانية من الخبر لأنه لم يذكر لفظ النبي صلى الله عليه وسلم وكأنه نقل معنى قول النبي صلى الله عليه وسلم انما الولاء لمن أعتق (قلت) ويؤيده أن ابن عمر روى هذا الحديث عن عائشة في قصة بريرة كما مضى في العتق لكن جاءت عنه صيغة الحديث من وجه آخر أخرجه النسائي وأبو عوانة من طريق الليث عن يحيى بن أيوب عن مالك ولفظه سمعت النبي صلى الله عليه وسلم ينهى عن بيع الولاء وعن هبته ووقع في رواية محمد بن أبي سليمان التي أشرت إليها بلفظ الولاء لا يباع ولا يوهب وفي رواية عتبان بن عبيد عن شعبة مثله ذكره أبو نعيم وزاد محمد بن سليمان في السند عن ابن عمر عن عمر فوهم أخرجه الدارقطني أيضا وضعفه وأتفق جميع من ذكرنا على هذا اللفظ وخالفهم أبو يوسف القاضي فرواه عن عبد الله بن دينار عن ابن عمر بلفظ الولاء لحمة كلحمة النسب أخرجه الشافعي ومن طريقه الحاكم ثم البيهقي وأدخل بشر بن الوليد بين أبي يوسف وبين بن دينار عبيد الله بن عمر أخرجه أبو يعلى في مسنده عنه وأخرجه ابن حبان في صحيحه عن أبي يعلى وأخرجه أبو نعيم من طريق عبد الله بن جعفر بن أعين عن بشر فزاد في المتن لا يباع ولا يوهب ومن طريق عبد الله ابن نافع عن عبد الله بن دينار إنما الولاء نسب لا يصح بيعه ولا هبته والمحفوظ في هذا ما أخرجه عبد الرزاق عن الثوري عن داود بن أبي هند عن سعيد بن المسيب موقوفا عليه الولاء لحمة كلحمة النسب وكذا ما أخرجه البزار والطبراني من طريق سليمان بن علي بن عبد الله بن عباس عن أبيه عن جده رفعه الولاء ليس بمنتقل ولا متحول وفي سنده المغيرة بن جميل وهو مجهول نعم عن ابن عباس من قوله الولاء لمن أعتق لا يجوز بيعه ولا هبته وقال ابن بطال أجمع العلماء على أنه لا يجوز تحويل النسب فإذا كان حكم الولاء حكم النسب فكما لا ينتقل النسب لا ينتقل الولاء وكانوا في الجاهلية ينقلون الولاء بالبيع وغيره فنهى الشرع عن ذلك وقال ابن عبد البر اتفق الجماعة على العمل بهذا الحديث إلا ما روى عن ميمونة أنها وهبت ولاء سليمان بن يسار لابن عباس وروى عبد الرزاق عن ابن جريج عن عطاء يجوز للسيد أن يأذن لعبده أن يوالي من شاء (قلت) وقد تقدم البحث فيه في الباب الذي قبله وقال ابن بطال وغيره جاء عن عثمان جواز بيع الولاء وكذا عن عروة وجاء عن ميمونة جواز هبة الولاء وكذا عن ابن عباس ولعلهم لم يبلغهم الحديث (قلت) قد أنكر ذلك ابن مسعود في زمن عثمان فأخرج عبد الرزاق عنه أنه كان يقول أيبيع أحدكم نسبه ومن طريق علي الولاء شعبة من النسب ومن طريق جابر أنه أنكر بيع الولاء وهبته ومن طريق عطاء أن ابن عمر كان ينكره ومن طريق عطاء عن ابن عباس لا يجوز وسنده صحيح ومن ثم فصلوا في النقل عن ابن عباس بين البيع والهبة وقال ابن العربي معنى الولاء لحمة كلحمة النسب أن الله أخرجه بالحرمة إلى النسب حكما كما أن الأب أخرجه بالنطفة إلى الوجود حسا لان العبد كان كالمعدوم في حق الاحكام لا يقضي ولا يلي ولا يشهد فأخرجه سيده بالحرية إلى وجود هذه الأحكام من عدمها فلما شابه حكم النسب أنيط بالمعتق فلذلك جاء انما الولاء لمن أعتق وألحق برتبة النسب فنهى عن بيعه وهبته وقال القرطبي استدل للجمهور بحديث الباب ووجه الدلالة أنه أمر وجودي لا يتأتى الانفكاك عنه كالنسب فكما لا تنتقل الأبوة والجدودة فكذلك لا ينتقل الولاء إلا أنه يصح في الولاء جرما يترتب عليه من الميراث كما لو تزوج عبد معتقة آخر فولد له منها ولد
(٣٨)