الترمذي الصحيح في تكفير منكر الاجماع تقييده بانكار ما يعلم وجوبه من الدين بالضرورة كالصلوات الخمس ومنه من عبر بانكار ما علم وجوبه بالتواتر ومنه القول بحدوث العالم وقد حكى عياض وغيره الاجماع على تكفير من يقول بقدم العالم وقال بن دقيق العيد وقع هنا من يدعي الحذق في المعقولات ويميل إلى الفلسفة فظن أن المخالف في حدوث العالم لا يكفر لأنه من قبيل مخالفة الاجماع وتمسك بقولنا إن منكر الاجماع لا يكفر على الاطلاق حتى يثبت النقل بذلك متواترا عن صاحب الشرع قال وهو تمسك ساقط إما عن عمى في البصيرة أو تعام لان حدوث العالم من قبيل ما اجتمع فيه الاجماع والتواتر بالنقل وقال النووي قوله التارك لدينه عام في كل من ارتد بأي ردة كانت فيجب قتله إن لم يرجع إلى الاسلام وقوله المفارق للجماعة يتناول كل خارج عن الجماعة ببدعة أو نفي إجماع كالروافض والخوارج وغيرهم كذا قال وسيأتي البحث فيه وقال القرطبي في المفهم ظاهر قوله المفارق للجماعة أنه نعت للتارك لدينه لأنه إذا ارتد فارق جماعة المسلمين غير أنه يلتحق به من خرج عن جماعة المسلمين وان لم يرتد كمن يمتنع من إقامة الحد عليه إذا وجب ويقاتل على ذلك كأهل البغي وقطاع الطريق والمحاربين من الخوارج وغيرهم قال فيتناولهم لفظ المفارق للجماعة بطريق العموم ولو لم يكن كذلك لم يصح الحصر لأنه يلزم أن ينفي من ذكر ودمه حلال فلا يصح الحصر وكلام الشارع منزه عن ذلك فدل على أن وصف المفارقة للجماعة يعم جميع هؤلاء قال وتحقيقه أن كل من فارق الجماعة ترك دينه غير أن المرتد ترك كله والمفارق بغير ردة ترك بعضه انتهى وفيه مناقشة لان أصل الخصلة الثالثة الارتداد فلا بد من وجوده والمفارق بغير ردة لا يسمى مرتدا فيلزم الخلف في الحصر والتحقيق في جواب ذلك أن الحصر فيمن يجب قتله عينا أما من ذكرهم فان قتل الواحد منهم إنما يباح إذا وقع حال المحاربة والمقاتلة بدليل أنه لو أسر لم يجز قتله صبرا اتفاقا في غير المحاربين وعلى الراجح في المحاربين أيضا لكن يرد على ذلك قتل تارك الصلاة وقد تعرض له ابن دقيق العيد فقال استدل بهذا الحديث أن تارك الصلاة لا يقتل بتركها لكونه ليس من الأمور الثلاثة وبذلك استدل شيخ والدي الحافظ أبو الحسن بن فضل المقدسي في أبياته المشهورة ثم ساقها ومنها وهو كاف في تحصيل المقصود هنا والرأي عندي أن يعزره الاما * م بكل تعزير يراه صوابا فالأصل عصمته إلا أن يمتطي * إحدى الثلاث إلى الهلاك ركابا قال فهذا من المالكية اختار خلاف مذهبه وكذا استشكله امام الحرمين من الشافعية (قلت) تارك الصلاة اختلف فيه فذهب أحمد وإسحاق وبعض المالكية ومن الشافعية ابن خزيمة وأبو الطيب بن سلمة وأبو عبيد بن جويرية ومنصور الفقيه وأبو جعفر الترمذي إلى أنه يكفر بذلك ولو لم يجحد وجوابها وذهب الجمهور إلى أنه يقتل حدا وذهب الحنفية ووافقهم المزني إلى أنه لا يكفر ولا يقتل ومن أقوى ما يستدل به على عدم كفره حديث عبادة رفعه خمس صلوات كتبهن الله على العباد الحديث وفيه ومن لم يأت بهن فليس له عند الله عهد إن شاء عذبه وإن شاء أدخله الجنة أخرجه مالك وأصحاب السنن وصححه ابن حبان وابن السكن وغيرهما وتمسك أحمد ومن وافقه بظواهر أحاديث وردت بتكفيره وحملها من خالفهم على المستحل جمعا
(١٧٨)