عند أحمد وسنده جيد وأخرج الترمذي وحسنه وابن حبان في صحيحه من حديث أبي سعيد قال قال أبو بكر ألست أحق الناس بهذا الامر ألست أول من أسلم ألست صاحب كذا (قوله فبايعته وبايعه المهاجرون) فيه رد على قول الداودي فيما نقله ابن التين عنه حيث أطلق أنه لم يكن مع أبي بكر حينئذ من المهاجرين إلا عمر وأبو عبيدة وكأنه استصحب الحال المنقولة في توجههم لكن ظهر من قول عمر وبايعه المهاجرون بعد قوله بايعته أنه حضر معهم جمع من المهاجرين فكأنهم تلاحقوا بهم لما بلغهم أنهم توجهوا إلى الأنصار فلما بايع عمر أبا بكر وبايعه من حضر من المهاجرين على ذلك بايعه حين قامت الحجة عليهم بما ذكره أبو بكر وغيره (قوله ثم بايعته الأنصار) في رواية بن إسحاق المذكورة قريبا ثم أخذت بيده وبدرني رجل من الأنصار فضرب على يده قبل أن أضرب على يده ثم ضربت على يده فتتابع الناس والرجل المذكور بشير بن سعد والد النعمان (قوله ونزونا) بنون وزاي مفتوحة أي وتبنا (قوله فقلت قتل الله سعد بن عبادة) تقدم بيانه في شرح حديث عائشة في مناقب أبي بكر وسيأتي في الاحكام من وجه آخر عن الزهري قال أخبرني أنس أنه سمع خطبة عمر الآخرة من الغد من يوم توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر صامت لا يتكلم فقص البيعة العامة ويأتي شرحها هناك (قوله وإنا والله ما وجدنا فيما حضرنا) بصيغة الفعل الماضي (قوله من أمر) في موضع المفعول أي حضرنا في تلك الحالة أمورا فما وجدنا فيها أقوى من سابقة أبي بكر والأمور التي حضرت حينئذ الاشتغال بالمشاورة واستيعاب من يكون أهلا لذلك وجعل بعض الشراح منها الاشتغال بتجهيز النبي صلى الله عليه وسلم ودفنه وهو محتمل لكن ليس في سياق القصة اشعار به بل تعليل عمر يرشد إلى الحصر فيما يتعلق بالاستخلاف (قوله فاما بايعناهم) في رواية الكشميهني بمثناة وبعد الألف موحدة (قوله على ما نرضى) في رواية مالك على ما لا نرضى وهو الوجه وبقية الكلام ترشد إلى ذلك (قوله فمن بايع رجلا) في رواية مالك فمن تابع رجلا (قوله فلا يتابع هو ولا الذي بايعه) في رواية معمر من وجه آخر عن عمر من دعي إلى إمارة من غير مشورة فلا يحل له أن يقبل وفي هذا الحديث من الفوائد غير ما تقدم أخذ العلم عن أهله وإن صغرت سن المأخوذ عنه عن الآخذ وكذا لو نقص قدره عن قدره وفيه التنبيه على أن العلم لا يودع عند غير أهله ولا يحدث به إلا من يعقله ولا يحدث القليل الفهم بما لا يحتمله وفيه جواز إخبار السلطان بكلام من يخشى منه وقوع أمر فيه إفساد للجماعة ولا يعد ذلك من النميمة المذمومة لكن محل ذلك أن يبهمه صونا له وجمعا له بين المصلحتين ولعل الواقع في هذه القصة كان كذلك واكتفى عمر بالتحذير من ذلك ولم يعاقب الذي قال ذلك ولا من قيل عنه وبنى المهلب على ما زعم أن المراد مبايعة شخص من الأنصار فقال إن في ذلك مخالفة لقول أبي بكر ان العرب لا تعرف هذا الامر إلا لهذا الحي من قريش فان المعروف هو الشئ الذي لا يجوز خلافه (قلت) والذي يظهر من سياق القصة أن إنكار عمر انما هو على من أراد مبايعة شخص على غير مشورة من المسلمين ولم يتعرض لكونه قرشيا أو لا وفيه أن العظيم يحتمل في حقه من الأمور المباحة ما لا يحتمل في حق غيره لقول عمر وليس فيكم من تمد إليه الأعناق مثل أبي بكر أي فلا يلزم من احتمال المبادرة إلى بيعته عن غير تشاور عام أن يباح ذلك لكل أحد من الناس لا يتصف بمثل صفة أبي بكر قال المهلب
(١٣٦)