عبد الرحمن مرة عن سفيان عن منصور والأعمش وواصل فقلت لعبد الرحمن حدثنا يحيى بن سعيد فذكره فقال عبد الرحمن دعه والحاصل أن الثوري حدث بهذا الحديث عن ثلاثة أنفس حدثوه به عن أبي وائل فأما الأعمش ومنصور فأدخلا بين أبي وائل وبين ابن مسعود أبا ميسرة وأما واصل فحذفه فضبطه يحيى القطان عن سفيان هكذا مفصلا وأما عبد الرحمن فحدث به أولا بغير تفصيل فحمل رواية واصل على رواية منصور والأعمش فجمع الثلاثة وأدخل أبا ميسرة في السند فلما ذكر له عمرو بن علي أن يحيى فصله كأنه تردد فيه فاقتصر على التحديث به عن سفيان عن منصور والأعمش حسب وترك طريق واصل وهذا معنى قوله فقال دعه دعه أي اتركه والضمير للطريق التي اختلف فيها وهي رواية واصل وقد زاد الهيثم بن خلف في روايته بعد قوله دعه فلم يذكر فيه واصلا بعد ذلك فعرف أن معنى قوله دعه أي اترك السند الذي ليس فيه ذكر أبي ميسرة وقال الكرماني حاصله أن أبا وائل وإن كان قد روى كثيرا عن عبد الله فان هذا الحديث لم يروه عنه قال وليس المراد بذلك الطعن عليه لكن ظهر له ترجيح الرواية بإسقاط الواسطة وافقه الأكثرين كذا قال والذي يظهر ما قدمته أنه تركه من أجل التردد فيه لان ذكر أبي ميسرة إن كان في أصل رواية واصل فتحديثه به بدونه يستلزم أنه طعن فيه بالتدليس أو بقلة الضبط وان لم يكن قي روايته في الأصل فيكون زاد في السند ما لم يسمعه فاكتفى برواية الحديث عمن لا تردد عنده فيه وسكت عن غيره وقد كان عبد الرحمن حدث به مرة عن سفيان عن واصل وحده بزيادة أبي ميسرة كذلك أخرجه الترمذي والنسائي لكن الترمذي بعد أن ساقه بلفظ واصل عطف عليه بالسند المذكور طريق سفيان عن الأعمش ومنصور قال بمثله وكأن ذلك كان في أول الأمر وذكر الخطيب هذا السند مثالا لنوع من أنواع مدرج الاسناد وذكر فيه أن محمد ابن كثير وافق عبد الرحمن على روايته الأولى عن سفيان فيصير الحديث عن الثلاثة بغير تفصيل (قلت) وقد أخرجه البخاري في الأدب عن محمد بن كثير لكن اقتصر من السند على منصور وأخرجه أبو داود عن محمد بن كثير فضم الأعمش إلى المنصور وأخرجه الخطيب من طريق الطبراني عن أبي مسلم الليثي عن معاذ بن المثنى ويوسف القاضي ومن طريق أبي العباس البرقي ثلاثتهم عن محمد بن كثير عن سفيان عن الثلاثة وكذا أخرجه أبو نعيم في المستخرج عن الطبراني وفيه ما تقدم وذكر الخطيب الاختلاف فيه على منصور وعلى الأعمش في ذكر أبي ميسرة وحذفه ولم يختلف فيه على واصل في إسقاطه في غير رواية سفيان (قلت) وقد أخرجه الترمذي والنسائي من رواية شعبة عن واصل بحذف أبي ميسرة لكن قال الترمذي رواية منصور أصح يعني بإثبات أبي ميسرة وذكر الدارقطني الاختلاف فيه وقال رواه الحسن بن عبيد الله عن أبي وائل عن عبد الله كقول واصل ونقل عن الحافظ أبي بكر النيسابوري أنه قال يشبه أن يكون الثوري جمع بين الثلاثة لما حدث به بن مهدي ومحمد بن كثير وفصله لما حدث به غيرهما يعني فيكون الادراج من سفيان لا من عبد الرحمن والعلم عند الله تعالى وقد تقدم الكلام على شئ من هذا في تفسير سورة الفرقان (قوله أي الذنب أعظم) هذه رواية الأكثر ووقع في رواية عاصم عن أبي وائل عن عبد الله أعظم الذنوب عند الله أخرجها الحرث وفي رواية مسدد الماضية في كتاب الأدب أي الذنب عند الله أكبر وفي رواية أبي عبيدة بن معن عن الأعمش أي الذنوب أكبر
(١٠٢)