فحصل في سبب رد الحكم إلى سعد بن معاذ أمران أحدهما سؤال الأوس والآخر إشارة أبي لبابة ويحتمل أن تكون الإشارة إثر توقفهم ثم لما اشتد الامر بهم في الحصار عرفوا سؤال الأوس فأذعنوا إلى النزول على حكم النبي صلى الله عليه وسلم وأيقنوا بأنه يرد الحكم إلى سعد وفي رواية علي بن مسهر عن هشام بن عروة عند مسلم فرد الحكم فيهم إلى سعد وكانوا حلفاءه (قوله فإني أحكم فيهم) أي في هذا الامر وفي رواية النسفي وإني أحكم فيهم (قوله أن تقتل المقاتلة قد تقدم في الذي قبله بيان ذلك وذكر ابن إسحاق أنهم حبسوا في دار بنت الحرث وفي رواية أبي الأسود عن عروة في دار أسامة بن زيد ويجمع بينهما بأنهم جعلوا في بيتين ووقع في حديث جابر عند ابن عائذ التصريح بأنهم جعلوا في بيتين قال ابن إسحاق فخندقوا لهم خنادق فضربت أعناقهم فجرى الدم في الخنادق وقسم أموالهم ونساءهم وأبناءهم على المسلمين وأسهم للخيل فكان أول يوم وقعت فيه السهمان لها وعند ابن سعد من مرسل حميد بن هلال أن سعد بن معاذ حكم أيضا أن تكون دارهم للمهاجرين دون الأنصار فلامه فقال إني أحببت أن تستغنوا عن دورهم واختلف في عدتهم فعند ابن إسحاق أنهم كانوا ستمائة وبه جزم أبو عمرو في ترجمة سعد بن معاذ وعند ابن عائذ من مرسل قتادة كانوا سبعمائة وقال السهيلي المكثر يقول إنهم ما بين الثمانمائة إلى التسعمائة وفي حديث جابر عند الترمذي والنسائي وابن حبان بإسناد صحيح أنهم كانوا أربعمائة مقاتل فيحتمل في طريق الجمع أن يقال إن الباقين كانوا أتباعا وقد حكى ابن إسحاق أنه قيل إنهم كانوا تسعمائة (قوله قال هشام فأخبرني أبي) هو موصول بالاسناد المذكور أولا وقد تقدم هذا القدر من هذا الحديث موصولا من طريق أخرى عن هشام في أوائل الهجرة وفي رواية عبد الله ابن نمير عن هشام عند مسلم قال قال سعد وتحجر كلمه للبرء اللهم إنك تعلم الخ أي انه دعا بذلك لما كاد جرحه أن يبرأ ومعنى تحجر أي يبس (قوله فإني أظن أنك قد وضعت الحرب بيننا وبينهم قال بعض الشراح ولم يصب في هذا الظن لما وقع من الحروب في الغزوات بعد ذلك قال فيحمل على أنه دعا بذلك فلم تقع الإجابة وادخر له ما هو أفضل من ذلك كما ثبت في الحديث الآخر في دعاء المؤمن أو أن سعدا أراد بوضع الحرب أي في تلك الغزوة الخاصة لا فيما بعدها وذكر ابن التين عن الداودي أن الضمير لقريظة قال ابن التين وهو بعيد جدا لنصه على قريش (قلت) وقد تقدم الرد عليه أيضا في أول الهجرة في الكلام على هذا الحديث والذي يظهر لي أن ظن سعد كان مصيبا وأن دعاءه في هذه القصة كان مجابا وذلك أنه لم يقع بين المسلمين وبين قريش من بعد وقعة الخندق حرب يكون ابتداء القصد فيها من المشركين فإنه صلى الله عليه وسلم تجهز إلى العمرة فصدوه عن دخول مكة وكاد الحرب أن يقع بينهم فلم يقع كما قال تعالى وهو الذي كف أيديهم عنكم وأيديكم عنهم ببطن مكة من بعد أن أظفركم عليهم ثم وقعت الهدنة واعتمر صلى الله عليه وسلم من قابل واستمر ذلك إلى أن نقضوا العهد فتوجه إليهم غازيا ففتحت مكة فعلى هذا فالمراد بقوله أظن أنك وضعت الحرب أي أن يقصدونا محاربين وهو كقوله صلى الله عليه وسلم في الحديث الماضي قريبا في أواخر غزوة الخندق إلا أن نغزوهم ولا يغزوننا (قوله فأبقني له) أي للحرب في رواية الكشميهني فأبقني لهم (قوله فافجرها) أي الجراحة (قوله فانفجرت من لبته) بفتح اللام وتشديد الموحدة هي موضع القلادة من الصدر وهي رواية مسلم والإسماعيلي وفي
(٣١٩)