وفي رواية الزبيدي أن أبان هو الذي سأل وأن أبا هريرة هو الذي أشار بمنعه وقد رجح الذهلي رواية الزبيدي ويؤيد ذلك وقوع التصريح في روايته بقول النبي صلى الله عليه وسلم يا أبان اجلس ولم يقسم لهم ويحتمل أن يجمع بينهما بأن يكون كل من أبان وأبي هريرة أشار أن لا يقسم للآخر ويدل عليه أن أبا هريرة احتج على أبان بأنه قاتل بن قوقل وأبان احتج على أبي هريرة بأنه ليس ممن له في الحرب يد يستحق بها النفل فلا يكون فيه قلب وقد سلمت رواية السعيدي من هذا الاختلاف فإنه لم يتعرض في حديثه لسؤال القسمة أصلا والله أعلم * الحديث الثامن والعشرون حديث عائشة ان فاطمة أرسلت إلى أبي بكر تسأله ميراثها تقدم شرحه في فرض الخمس وفي هذه الطريق زيادة لم تذكر هناك فتشرح (قوله وعاشت بعد النبي صلى الله عليه وسلم ستة أشهر) هذا هو الصحيح في بقائها بعده وروى ابن سعد من وجهين أنها عاشت بعده ثلاثة أشهر ونقل عن الواقدي وان ستة أشهر هو الثبت وقيل عاشت بعده سبعين يوما وقيل ثمانية أشهر وقيل شهرين جاء ذلك عن عائشة أيضا وأشار البيهقي إلى أن في قوله وعاشت آخره ادراجا وذلك أنه وقع عند مسلم من طريق أخرى عن الزهري فذكر الحديث وقال في آخره قلت للزهري كم عاشت فاطمة بعده قال ستة أشهر وعزا هذه الرواية لمسلم ولم يقع عند مسلم هكذا بل فيه كما عند البخاري موصولا والله أعلم (قوله دفنها زوجها علي ليلا ولم يؤذن بها أبا بكر) روى ابن سعد من طريق عمرة بنت عبد الرحمن أن العباس صلى عليها ومن عدة طرق أنها دفنت ليلا وكان ذلك بوصية منها لإرادة الزيادة في التستر ولعله لم يعلم أبا بكر بموتها لأنه ظن أن ذلك لا يخفى عنه وليس في الخبر ما يدل على أن أبا بكر لم يعلم بموتها ولا صلى عليها وأما الحديث الذي أخرجه مسلم والنسائي وأبو داود من حديث جابر في النهي عن الدفن ليلا فهو محمول على حال الاختيار لان في بعضه إلا أن يضطر انسان إلى ذلك (قوله وكان لعلي من الناس وجه حياة فاطمة) أي كان الناس يحترمونه إكراما لفاطمة فلما ماتت واستمر على عدم الحضور عند أبي بكر قصر الناس عن ذلك الاحترام لإرادة دخوله فيما دخل فيه الناس ولذلك قالت عائشة في آخر الحديث لما جاء وبايع كان الناس قريبا إليه حين راجع الامر بالمعروف وكأنهم كانوا يعذرونه في التخلف عن أبي بكر في مدة حياة فاطمة لشغله بها وتمريضها وتسليتها عما هي فيه من الحزن على أبيها صلى الله عليه وسلم ولأنها لما غضبت من رد أبي بكر عليها فيما سألته من الميراث رأى على أن يوافقها في الانقطاع عنه (قوله فلما توفيت استنكر علي وجوه الناس فالتمس مصالحة أبي بكر ومبايعته ولم يكن يبايع تلك الأشهر) أي في حياة فاطمة قال المازري العذر لعلي في تخلفه مع ما اعتذر هو به أنه يكفي في بيعة الامام أن يقع من أهل الحل والعقد ولا يجب الاستيعاب ولا يلزم كل أحد أن يحضر عنده ويضع يده في يده بل يكفي التزام طاعته والانقياد له بأن لا يخالفه ولا يشق العصا عليه وهذا كان حال علي لم يقع منه إلا التأخر عن الحضور عند أبي بكر وقد ذكرت سبب ذلك (قوله كراهية ليحضر عمر) في رواية الأكثر لمحضر عمر والسبب في ذلك ما ألفوه من قوة عمر وصلابته في القول والفعل وكان أبو بكر رقيقا لينا فكأنهم خشوا من حضور عمر كثرة المعاتبة التي قد تفضي إلى خلاف ما قصدوه من المصافاة (قوله لا تدخل عليهم) أي لئلا يتركوا من تعظيمك ما يجب لك (قوله وما عسيتهم أن يفعلوا بي) قال ابن مالك
(٣٧٨)