تنطف أي تقطر كأنها قد اغتسلت والنوسات جمع نوسة والمراد أن ذوائبها كانت تنوس اي تتحرك وكل شئ تحرك فقد ناس والنوس الاضطراب ومنه قول المرأة في حديث أم زرع أناس من حلي أذني قال ابن التين قوله نوسات هو بسكون الواو وضبط بفتحها وأما نسوات فكأنه على القلب (قوله قد كان من أمر الناس ما ترين فلم يجعل لي من الامر شئ) مراده بذلك ما وقع بين علي ومعاوية من القتال في صفين يوم اجتماع الناس على الحكومة بينهم فيما اختلفوا فيه فراسلوا بقايا الصحابة من الحرمين وغيرهم وتواعدوا على الاجتماع لينظروا في ذلك فشاور ابن عمر أخته في التوجه إليهم أو عدمه فأشارت عليه باللحاق بهم خشية أن ينشأ من غيبته اختلاف يفضي إلى استمرار الفتنة (قوله فلما تفرق الناس) أي بعد أن اختلف الحكمان وهم أبو موسى الأشعري وكان من قبل علي وعمرو بن العاص وكان من قبل معاوية ووقع في رواية عبد الرزاق عن معمر في هذا الحديث فلما تفرق الحكمان وهو يفسر المراد ويعين أن القصة كانت بصفين وجوز بعضهم أن يكون المراد الاجتماع الأخير الذي كان بين معاوية والحسن بن علي ورواية عبد الرزاق ترده وعلى هذا تقدير الكلام فلم تدعه حتى ذهب إليهم في المكان الذي فيه الحكمان فحضر معهم فلما تفرقوا خطب معاوية إلى آخره وأبعد من ذلك قول ابن الجوزي في كشف المشكل أشار بذلك إلى جعل عمر الخلافة شورى في ستة ولم يجعل له من الامر شيئا فأمرته باللحاق قال وهذا حكاية الحال التي جرت قبل وأما قوله فلما تفرق الناس خطب معاوية كان هذا في زمن معاوية لما أراد أن يجعل ابنه يزيد ولي عهده كذا قال ولم يأت له بمستند والمعتمد ما صرح به في رواية عبد الرزاق ثم وجدت في رواية حبيب بن أبي ثابت عن ابن عمر قال لما كان في اليوم الذي اجتمع فيه معاوية بدومة الجندل قالت حفصة انه لا يحمل بك أن تتخلف عن صلح يصلح الله به بين أمة محمد وأنت صهر رسول الله وابن عمر بن الخطاب قال فأقبل معاوية يومئذ على بختي عظيم فقال من يطمع في هذا الامر أو يرجوه أو يمد إليه عنقه الحديث أخرجه الطبراني (قوله إن يتكلم في هذا الامر) أي الخلافة (قوله فليطلع لنا قرنه) بفتح القاف قال ابن التين يحتمل أن يريد بدعته كما جاء في الخبر الآخر كلما نجم قرن أي طلع قرن ويحتمل أن يكون المعنى فليبد لنا صفحة وجهه والقرن من شأنه أن يكون في الوجه والمعنى فليظهر لنا نفسه ولا يخفيها قيل أراد عليا وعرض بالحسن والحسين وقيل أراد عمر وعرض بابنه عبد الله وفيه بعد لان معاوية كان يبالغ في تعظيم عمر ووقع في رواية حبيب بن أبي ثابت أيضا قال ابن عمر ما حدثت نفسي بالدنيا قبل يومئذ أردت أن أقول له يطمع فيه من ضربك وأباك على الاسلام حتى أدخلكما فيه فذكرت الجنة فأعرضت عنه ومن هنا يظهر مناسبة إدخال هذه القصة في غزوة الخندق لان أبا سفيان كان قائد الأحزاب يومئذ (قوله قال حبيب بن مسلمة) أي بن مالك الفهري صحابي صغير ولأبيه صحبة وكان قد سكن الشام وأرسله معاوية في عسكر لنصر عثمان فقتل عثمان قبل أن يصل فرجع فكان مع معاوية وولاه غزوة الروم فكان يقال له حبيب الروم لكثرة دخوله عليهم ومات في خلافة معاوية (قوله فهلا أجبته) أي هلا أجبت معاوية عن تلك المقالة فأعلمه بن عمر بالذي منعه عن ذلك قال حللت حبوتي الخ ووقع في رواية عبد الرزاق عند قوله فلنحن أحق به منه ومن أبيه يعرض بابن عمر فعرف بهذه الزيادة مناسبة قول حبيب بن مسلمة لابن عمر هلا أجبته
(٣١٠)