وروى أحمد من حديث البراء قال جاء رجل من الأنصار بالعباس قد أسره فقال العباس ليس هذا أسرني بل أسرني رجل أنزع فقال النبي صلى الله عليه وسلم للأنصاري أيدك الله بملك كريم واسم هذا الأنصاري أبو اليسر بفتح التحتانية والمهملة وهو كعب بن عمرو الأنصاري وروى الطبراني من حديث أبي اليسر أنه أسر العباس ومن حديث ابن عباس قلت لأبي كيف أسرك أبو اليسر ولو شئت لجعلته في كفك قال لا تقل ذلك يا بني (قوله فلنترك) بصيغة الامر واللام للمبالغة (قوله لابن أختنا عباس) أي ابن عبد المطلب وأم العباس ليست من الأنصار بل جدته أم عبد المطلب هي الأنصارية فأطلقوا على جدة العباس أختا لكونها منهم وعلى العباس ابنها لكونها جدته وهي سلمى بنت عمرو بن زيد بن لبيد من بني عدي بن النجار ثم من الخزرج وأما أم العباس فهي نتيلة بنون ومثناة من فوق ثم لام مصغر بنت جناب بجيم ونون خفيفة بعد الألف موحدة من ولد تيم اللات بن النمر بن قاسط ووهم الكرماني فقال أم العباس بن عبد المطلب كانت من الأنصار وأخذ ذلك من ظاهر قول الأنصار ابن أختنا وليس كما فهمه بل فيه تجوز كما بينته وروى ابن عائذ في المغازي من طريق مرسل أن عمر لما ولي وثاق الاسرى شد وثاق العباس فسمعه رسول الله صلى الله عليه وسلم يئن فلم يأخذه النوم فبلغ الأنصار فأطلقوا العباس فكان الأنصار لما فهموا رضا رسول الله صلى الله عليه وسلم بفك وثاقه سألوه أن يتركوا له الفداء طلبا لتمام رضاه فلم يجبهم إلى ذلك وأخرج ابن إسحاق من حديث ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال يا عباس افد نفسك وابن أخويك عقيل بن أبي طالب ونوفل بن الحرث وحليفك عتبة بن عمرو فإنك ذو مال قال إني كنت مسلما ولكن القوم استكرهوني قال الله أعلم بما تقول إن كنت ما تقول حقا فإن الله يجزيك ولكن ظاهر أمرك أنك كنت علينا وذكر موسى بن عقبة أن فداءهم كان أربعين أوقية ذهبا وعند أبي نعيم في الدلائل بإسناد حسن من حديث ابن عباس كان فداء كل واحد أربعين أوقية فجعل على العباس مائة أوقية وعلى عقيل ثمانين فقال له العباس أللقرابة صنعت هذا قال فأنزل الله تعالى يا أيها النبي قل لمن في أيديكم من الاسرى إن يعلم الله في قلوبكم خيرا يؤتكم الآية فقال العباس وددت لو كنت أخذت منى أضعافها لقوله تعالى يؤتكم خيرا مما أخذ منكم (قوله لا تذرون) بفتح الذال المعجمة أي لا تتركون من الفداء شيئا وزاد الكشميهني في روايته لا تذرون له أي للعباس قيل والحكمة في ذلك أنه خشي أن يكون في ذلك محابة له لكونه عمه لا لكونه قريبهم من النساء فقط وفيه إشارة إلى أن القريب لا ينبغي له أن يتظاهر بما يؤذي قريبه وإن كان في الباطن يكره ما يؤذيه ففي ترك قبول ما يتبرع له الأنصار به من الفداء تأديب لمن يقع له مثل ذلك * الحديث الحادي والعشرون حديث المقداد بن الأسود وفي إسناد ثلاثة من التابعين في نسق وهم مدنيون وسيأتي شرحه في الديات مع ما يرفع الاشكال في قوله فإنك بمنزلته والغرض من إيراده هنا قوله وكان ممن شهد بدرا وقد تقدم أنه كان فارسا يومئذ وإسحاق في الطريق الثانية شيخه هو ابن منصور * الحديث الثاني والعشرون حديث أنس في قصة قتل أبي جهل تقدم شرحه في أوائل هذه الغزوة والغرض منه هنا بيان كون ابني عفراء شهدا بدرا
(٢٤٨)