(قوله ونبي الله شاب لا يعرف) ظاهره أن أبا بكر كان أسن من النبي صلى الله عليه وسلم وليس كذلك وقد ذكر أبو عمر من رواية حبيب بن الشهيد عن ميمون بن مهران عن يزيد بن الأصم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لأبي بكر أيما أسن أنا وأنت قال أنت أكرم يا رسول الله مني وأكبر وأنا أسن منك قال أبو عمر هذا مرسل ولا أظنه إلا وهما (قلت) وهو كما ظن وإنما يعرف هذا للعباس وأما أبو بكر فثبت في صحيح مسلم عن معاوية أنه عاش ثلاثا وستين سنة وكان قد عاش بعد النبي صلى الله عليه وسلم سنتين وأشهرا فيلزم على الصحيح في سن أبي بكر أن يكون أصغر من النبي صلى الله عليه وسلم بأكثر من سنتين (قوله يهديني السبيل) بين سبب ذلك ابن سعد في رواية له ان النبي صلى الله عليه وسلم قال لأبي بكر اله الناس عني فكان إذا سئل من أنت قال باغي حاجة فإذا قيل من هذا معك قال هاد يهديني وفي حديث أسماء بنت أبي بكر عند الطبراني وكان أبو بكر رجلا معروفا في الناس فإذا لقيه لاق يقول لأبي بكر من هذا معك فيقول هاد يهديني يريد الهداية في الدين ويحسبه الآخر دليلا (قوله فقال يا رسول الله هذا فارس) وهو سراقة وقد تقدم شرح قصته في الحديث الحادي عشر ووقع للنبي صلى الله عليه وسلم وأبي بكر في سفرهم ذلك قضايا منها نزولهم بخيمتي أم معبد وقصتها أخرجها ابن خزيمة والحاكم مطولة وأخرج البيهقي في الدلائل من طريق عبد الرحمن بن أبي ليلى عن أبي بكر الصديق شبيها بأصل قصتها في لبن الشاة المهزولة دون ما فيها من صفته صلى الله عليه وسلم لكنه لم يسمها في هذه الرواية ولا نسبها فاحتمل التعدد ومر بعبد يرعى غنما وقد تقدم في حديث البراء عن أبي بكر وروى أبو سعيد في شرف المصطفى من طريق إياس بن مالك بن الأوس الأسلمي قال لما هاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر مروا بابل لنا بالجحفة فقالا لمن هذه قال لرجل من أسلم فالتفت إلى أبي بكر فقال سلمت قال ما اسمك قال مسعود فالتفت إلى أبي بكر فقال سعدت ووصله ابن السكن والطبراني عن إياس عن أبيه عن جده أوس بن عبد الله بن حجر فذكر نحوه مطولا وفيه إن أوسا أعطاهما فحل إبله وأرسل معهما غلامه مسعودا وأمره أن لا يفارقهما حتى يصلا المدينة وتحديث أنس بقصة سراقة من مراسيل الصحابة ولعله حملها عن أبي بكر الصديق فقد تقدم في مناقبه أن أنسا حدث عنه بطرف من حديث الغار وهو قوله قلت يا رسول الله لو أن أحدهما نظر إلى قدميه لأبصرنا الحديث وقوله فيه فصرعه عن فرسه ثم قامت تحمحم قال ابن التين فيه نظر لان الفرس إن كانت أنثى فلا يجوز فصرعه وإن كان ذكرا فلا يقال ثم قامت (قلت) وانكاره من العجائب والجواب أنه ذكر باعتبار لفظ الفرس وأنت باعتبار ما في نفس الامر من أنها كانت أنثى (قوله ثم بعث إلى الأنصار فجاءوا إلى نبي الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر فسلموا عليهما وقالوا اركبا آمنين مطاعين فركبا) طوى في هذا الحديث قصة إقامته عليه الصلاة والسلام هنا وقد تقدم بيانه في الحديث الثالث عشر وتقدير الكلام فنزل جانب الحرة فأقام بقباء المدة التي أقامها وبنى بها المسجد ثم بعث الخ (قوله حتى نزل جانب دار أبي أيوب) تقدم بيانه مستوفى في الحديث الثالث عشر وقال البخاري في التاريخ الصغير حدثنا موسى ابن إسماعيل حدثنا سليمان بن المغيرة عن ثابت عن أنس قال إني لا سعى مع الغلمان إذ قالوا جاء محمد فننطلق فلا نرى شيئا حتى أقبل وصاحبه فكمنا في بعض خرب المدينة وبعثا رجلا من أهل البادية يؤذن بهما فاستقبله زهاء خمسمائة من الأنصار فقالوا انطلقا آمنين
(١٩٦)