إقامة النبي صلى الله عليه وسلم بمكة كانت خمس عشرة سنة وقد تقدم بيان ذلك في كتاب المبعث وسيأتي بقية الكلام عليه في الوفاة إن شاء الله تعالى وقوله هنا فهاجر عشر سنين أي أقام مهاجرا عشر سنين وهو كقوله تعالى فأماته الله مائة عام * الحديث العاشر حديث أبي سعيد تقدم شرحه في مناقب أبي بكر مستوفى وقوله فيه فقال الناس انظروا إلى هذا الشيخ في حديث ابن عباس عند البلاذري في نحو هذه القصة فقال له أبو سعيد الخدري يا أبا بكر ما يبكيك فذكر الحديث * الحديث الحادي عشر (قوله لم أعقل أبوي) يعني أبا بكر وأم ورمان (قوله يدينان الدين) بالنصب على نزع الخافض أي يدينان بدين الاسلام أو هو مفعول به على التجوز (قوله فلما ابتلى المسلمون) أي بأذى المشركين لما حصروا بني هاشم والمطلب في شعب أبي طالب وأذن النبي صلى الله عليه وسلم لأصحابه في الهجرة إلى الحبشة كما تقدم بيانه (قوله خرج أبو بكر مهاجرا نحو أرض الحبشة) أي ليلحق بمن سبقه إليها من المسلمين وقد قدمت أن الذين هاجروا إلى الحبشة أولا ساروا إلى جدة وهي ساحل مكة ليركبوا منها البحر إلى الحبشة (قوله برك الغماد) أما برك فهو بفتح الموحدة وسكون الراء بعدها كاف وحكى كسر أوله وأما الغماد فهو بكسر المعجمة وقد تضم وبتخفيف الميم وحكى ابن فارس فيها ضم الغين موضع على خمس ليال من مكة إلى جهة اليمن وقال البكري هي أقاصي هجر وحكى الهمداني في أنساب اليمن هو في أقصى اليمن والأول أولى وقال ابن خالويه حضرت مجالس المحاملي وفيه زهاء ألف فأملى عليهم حديثا فيه فقالت الأنصار لو دعوتنا إلى برك الغماد قالها بالكسر فقلت للمستملي هو بالضم فذكر له ذلك فقال لي وما هو قلت سألت ابن دريد عنه فقال هو بقعة في جهنم فقال المحاملي وكذا في كتابي على الغين ضمة قال ابن خالويه وأنشد ابن دريد وإذا تنكرت البلاد * فأولها كنف البعاد واجعل مقامك أو مقرك جانبي برك الغماد لست ابن أم القاطنين * ولا ابن عم للبلاد * قال ابن خالويه وسألت أبا عمر يعني غلام ثعلب فقال هو بالكسر والضم موضع باليمن قال وموضع باليمن أوله بالكسر لكن آخره راء مهملة وهو عند بئر برهوت الذي يقال إن أرواح الكفار تكون فيها أه واستبعد بعض المتأخرين ما ذكره ابن دريد فقال القول بأنه موضع باليمن أنسب لان النبي صلى الله عليه وسلم لا يدعوهم إلى جهنم وخفي عليهم أن هذا بطريق المبالغة فلا يراد به الحقيقة ثم ظهر لي أن لا تنافي بين القولين فيحمل قوله جهنم على مجاز المجاورة بناء على القول بأن برهوت مأوى أرواح الكفار وهم أهل النار (قوله ابن الدغنة) بضم المهملة والمعجمة وتشديد النون عند أهل اللغة وعند الرواة بفتح أوله وكسر ثانيه وتخفيف النون قال الأصيلي وقرأه لنا المروزي بفتح الغين وقيل إن ذلك كان لاسترخاء في لسانه والصواب الكسر وثبت بالتخفيف والتشديد من طريق وهي أمه وقيل أم أبيه وقيل دابته ومعنى الدغنة المسترخية
(١٨٠)