حدثه فينظر فيه وقد ثبت الحديث من وجه آخر لا يشك حديثي في صحة اسناده.
(أخبرناه) أبو الحسن علي بن محمد بن عبد الله بن بشران العدل ببغداد انا إسماعيل بن محمد الصفار ثنا محمد بن إسحاق الصاغاني في جمادى الأولى سنة ثمان وستين ومأتين ثنا يعلى بن عبيد الطنافسي ثنا الأعمش عن شقيق قال كنت جالسا مع عبد الله وأبي موسى فقال أبو موسى يا أبا عبد الرحمن الرجل يجنب فلا يجد الماء يصلى قال لا قال ألم تسمع قول عمار لعمر ان رسول الله صلى الله عليه وسلم بعثني انا وأنت فأجنبت فتمعكت بالصعيد فاتينا رسول الله صلى الله عليه وسلم وأخبرناه فقال إنما كان يكفيك هكذا ومسح وجهه وكفيه واحدة فقال إني لم أر عمر قنع بذلك قال قلت وكيف تصنعون بهذه الآية فتيمموا صعيدا طيبا قال انا لو رخصنا لهم في هذا كان أحدهم إذا وجد الماء البارد يمسح بالصعيد قال الأعمش فقلت لشقيق فما كرهه الا لهذا. أخرجه البخاري ومسلم من أوجه عن الأعمش وأشار البخاري إلى رواية يعلى بن عبيد وهو اثبتهم سياقة للحديث.
(وأخبرنا) أبو عبد الله الحافظ ثنا محمد بن يعقوب ثنا الربيع بن سليمان قال قال الشافعي في حديث عمار بن ياسر لا يجوز على عمار إذا (1) كان تيمم مع النبي صلى الله عليه وسلم عند نزول الآية إلى المناكب عن أمر النبي صلى الله عليه وسلم الا انه منسوخ إذ روى أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بالتيمم على الوجه والكفين أو يكون لم يرو عنه الا تيمما واحدا فاختلفت روايته فتكون رواية ابن الصمة التي لم تختلف أثبت وإذا لم تختلف فأولى ان يؤخذ بها لأنها أوفق لكتاب الله تعالى من الروايتين اللتين روينا مختلفتين أو يكون إنما سمعوا آية التيمم عند حضور صلاة فتيمموا فاحتاطوا فاتوا على غاية ما يقع عليه اسم اليد لان ذلك لا يضرهم كما لا يضرهم لو فعلوه في الوضوء فلما صاروا إلى مسألة النبي صلى الله عليه وسلم اخبرهم انه يجزيهم من التيمم أقل ما فعلوه وهذا أولى المعاني عندي لرواية ابن شهاب من حديث عمار بما وصفت من الدلائل. قال الشافعي وإنما منعنا ان نأخذ برواية عمار بن ياسر في أن تيمم الوجه والكفين بثبوت الخبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم انه مسح وجهه وذراعيه وان هذا أشبه بالقرآن وأشبه بالقياس فان البدل من الشئ إنما يكون مثله. وروى الحسن بن محمد بن الصباح الزعفراني عن الشافعي حديث ابن عمر في التيمم ضربة للوجه وضربة لليدين إلى المرفقين ثم قال قال أبو عبد الله يعنى الشافعي وبهذا رأيت أصحابنا يأخذون وقد روى فيه شئ عن النبي صلى الله عليه وسلم ولو اعلمه ثابتا لم أعده ولم أشك فيه وقد قال عمار تيممنا مع النبي صلى الله عليه وسلم إلى المناكب وروي عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم الوجه والكفين وكان قوله تيممنا مع النبي صلى الله عليه وسلم إلى المناكب لم يكن عن أمر النبي صلى الله عليه وسلم فان ثبت عن عمار عن النبي صلى الله عليه وسلم الوجه والكفين ولم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم إلى المرفقين فما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أولى وبهذا كان يفتى سعد ابن سالم فكأنه في القديم شك في ثبوت الحديثين لما ذكرنا في كل واحد منهما ومسح الوجه والكفين في حديث عمار ثابت وهو أثبت من حديث مسح الذراعين الا ان حديث مسح الذراعين أيضا جيد بالشواهد التي ذكرناها وهو في قصة أخرى فإن كان حديث عمار في ابتداء التيمم حيث نزلت الآية ورجعوا إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأخبرهم انه يجزيهم من التيمم أقل مما فعلوا فحديث مسح الذراعين بعده فهو أولى بان يتبع وهو أشبه بالكتاب والقياس وهو فعل ابن عمر صحيح عنه وقد روي عن علي وابن عباس مسح الوجه والكفين وروي عن علي بخلافه.