نهج السعادة - الشيخ المحمودي - ج ٧ - الصفحة ١٠٩
في هذا الموضع، فانصرنا من عندها فلبثا أياما، ثم أتياها، ومعهما وردان ابن مجالد الذي كلفته مساعدة ابن ملجم، وذلك في ليلة الجمعة، لتسع عشرة ليلة خلت من رمضان سنة أربعين، قال أبو الفرج: هكذا في رواية أبي مخنف. وفي رواية أبي عبد الرحمان السلمي انها كانت ليلة سبع عشرة من شهر رمضان، فقال لها ابن ملجم: هذه الليلة هي التي وعدت فيها صاحبي ووعداني ان يقتل كل واحد منا صاحبه الذي يتوجه إليه، فدعت لهم بحرير فعصبت به صدورهم، وتقلدوا سيوفهم، ومضوا فجلسوا مقابل السدة التي كان يخرج منها علي. قال الشيخ المفيد وأبو الفرج (6): وقد كان ابن ملجم اتى الأشعث بن قيس في هذه الليلة فخلا به في بعض نواحي المسجد، (7) فمر بهما حجر بن عدي فسمع الأشعث وهو يقول لابن ملجم:

(٦) هذا الذي ذكرناه هو لفظ أبي الفرج في مقاتل الطالبيين: وذكره أيضا جل المؤرخين. ولكن لفظ الشيخ المفيد في الارشاد أوضح، فإنه بعد ما ذكر نحو ما نقلناه عن أبي الفرج، من أنهم مضوا وجلسوا مقابل السدة التي كان يخرج منها أمير المؤمنين عليه السلام إلى الصلاة قال: وقد كانوا قبل ذلك ألقوا إلى الأشعث بن قيس ما في نفوسهم من العزيمة على قتل أمير المؤمنين عليه السلام، وواطأهم على ذلك، وحضر الأشعث لعنه الله في تلك الليلة لمعونتهم على ما اجتمعوا عليه، وكان حجر بن عدي رحمه الله في تلك الليلة بائتا في المسجد، فسمع الأشعث يقول لابن ملجم: النجا النجا لحاجتك فقد فضح الصبح فأحس حجر بما أراد الأشعث، فقال له: قتلته يا أعوز، وخرج مبادرا ليمضي إلى أمير المؤمنين عليه السلام ليخبره الخبر، ويحذره من القوم، وخالفه أمير المؤمنين عليه السلام من الطريق فدخل المسجد، فسبقه ابن ملجم لعنه الله فضربه بالسيف، فأقبل حجر والناس يقولون: قتل أمير المؤمنين.
(7) قال أبو الفرج: وللأشعث في انحرافه عن أمير المؤمنين اخبار يطول شرحها.
منها: انه جاء في تلك الأيام إلى علي يستأذن عليه، فرده قنبر، فأدمى الأشعث انفه، فخرج علي وهو يقول: مالي ولك يا أشعث؟ أما والله لو بعبد ثقيف تمرست لاقشعرت شعيراتك. قيل يا أمير المؤمنين: ومن عبد ثقيف؟
قال: غلام لهم لا يبقى أهل بيت من العرب الا أدخلهم ذلا. قيل يا أمير المؤمنين:
كم يلي أو كم يمكث؟ قال: عشرين ان بلغها.
ومنها: ان الأشعث دخل على علي (ع) في تلك الأيام فكلمه، فأغلظ علي له، فعرض له الأشعث انه سيفتك به، فقال له علي (ع): أبالموت تخوفني؟
(أو تهددني)، فوالله ما أبالي وقعت على الموت أو وقع الموت علي.
(١٠٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 104 105 106 107 108 109 110 111 112 113 114 ... » »»
الفهرست