فإن بنعمته تتم الصالحات (58).
يا بني إني قد أنبأتك عن الدنيا وحالها وانتقالها وزوالها بأهلها وأنبأتك عن الآخرة وما أعد الله لأهلها
(٥٨) وفى النهج وتحف العقول: (فتفهم يا بني (اي بني ج (ت)) أن مالك الموت هو مالك الحياة، وان الخالق هو المميت، وان المفني هو المعيد، وان المبتلي هو المعافي وان الدنيا لم تكن لتستقيم الا على ما جعلها (خلقها (ت)) الله (تبارك وتعالى (ت)) عليه من النعماء والابتلاء والجزاء في المعاد، أو ما شاء مما لا نعلم، فان أشكل عليك شئ من ذلك فاحمله على جهالتك به، فإنك أول ما خلقت (خلقت (ت)) جاهلا ثم علمت، وما أكثر ما تجهل من الامر ويتحير فيه رأيك ويضل فيه بصرك ثم تبصر بعد ذلك فاعتصم بالذي خلقك ورزقك وسواك واليكن له تعبدك (تعمدك. (ت)) واليه رغبتك ومن شفقتك، واعلم يا بني أن أحدا لم ينبئ عن الله (تبارك وتعالى (ب)) كما انباء عنه الرسول (نبينا (ت)) صلى الله عليه وآله، فأرض به رائدا والى النجاة قائدا، فاني لم آلك نصيحة وانك لن تبلغ في النظر لنفسك - وان اجتهدت - مبلغ نظري لك، واعلم يا بني أنه لو كان لربك شريك لأتتك رسله ولرأيت آثار ملكه وسلطانه ولعرفت أفعاله وصفاته (صفته وفعاله (ت)) ولكنه اله واحد كما وصف نفسه، لا يضاده في ملكه (ذلك (ت)) أحد (ولا يحاجه، وانه خالق كل شئ، وانه أجل من أن يثبت لربوبيته بالإحاطة قلب أو بصر (كذا) (ت)) ولا يزول أبدا ولم يزل، أول قبل الأشياء بلا أولية، وآخر بعد الأشياء بلا نهاية، عظم عن أن تثبت ربوبيته إحاطة قلب أو بصر، وإذا عرفت ذلك، فافعل كما ينبغي لمثلك ان يفعله في صغر خطره وقلة مقدرته وكثرة عجزه وعظيم حاجته إلى ربه في طلب طاعته، والخشية من عقوبته والشفقة من سخطه، فإنه لم يأمرك الا بحسن، ولم ينهك الا عن قبيح (ت ن)).