فهذه نسخة الكتاب الذي أجابه به:
بسم الله الرحمن الرحيم، عافانا الله وإياك جاءني كتابك تذكر فيه الرجل الذي عليه الجناية والعين وتقول أخذته وتذكر ما تلقاني به وتبعث إلي بغيره، فاحتججت فيه فأكثرت وعميت عليه أمرا وأردت الدخول في مثله تقول: انه عمل في أمري بعقله وحيلته نظرا منه لنفسه وإرادة أن تميل إليه قلوب الناس ليكون مثله الأمر بيده وليته يعمل فيه برأيه ويزعم أني طاوعته فيما أشار به علي، وهذا أنت تشير علي فيما يستقيم عندك في العقل والحيلة بعدك، لا يستقيم الأمر إلا بأحد أمرين: إما قبلت الأمر على ما كان يكون عليه، وإما أعطيت القوم ما طلبوا وقطعت عليهم، وإلا فالأمر عندنا معوج والناس غير مسلمين ما في أيديهم من مال وذاهبون به، فالأمر ليس بعقلك ولا بحيلتك يكون، ولا تفعل الذي نحلته بالرأي والمشورة، ولكن الأمر إلى الله عز وجل وحده لا شريك له، يفعل في خلقه ما يشاء، من يهدي الله فلا مضل له ومن يضلله فلا هادي له ولن تجد له مرشدا.
فقلت: واعمل في أمرهم واحتل فيه فكيف لك بالحيلة والله يقول ﴿وأقسموا بالله جهد أيمانهم﴾ (١) لا يبعث الله من يموت بلى وعدا عليه حقا في التوراة والإنجيل، إلى قوله عز وجل ﴿وليقترفوا ما هم مقترفون﴾ (2)، فلو تجيبهم فيما سألوا عنه استقاموا وأسلموا وقد كان مني ما أنكرت وانكروا من بعدي ومد لي بقائي وما كان ذلك إلا رجاء الإصلاح لقول أمير المؤمنين (عليه السلام): واقتربوا واقتربوا وسلوا وسلوا فإن العليم يفيض فيضا - وجعل يمسح بطنه ويقول: ما ملئ طعاما ولكن ملأته علما - والله ما آية أنزلت في بر ولا بحر ولا سهل ولا جبل إلا أني أعلمها وأعلم فيمن نزلت. وقول أبي عبد الله (عليه السلام): إلى الله أشكو أهل المدينة، إنما أنا فيهم كالشعر أتنقل