يريدونني أن لا أقول الحق، والله لا أزال أقول الحق حتى أموت، فلما قلت حقا اريد به حقن دمائكم وجمع أمركم على ما كنتم عليه أن يكون سركم مكتوما عندكم غير فاش في غيركم، وقد قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) سرا أسره الله تعالى إلى جبرئيل وأسره جبرئيل إلى محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) وأسره محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) إلى علي وأسره علي إلى من شاء.
ثم قال: قال أبو جعفر: ثم أنتم تحدثون به في الطريق فأردت حيث مضى صاحبكم أن الف أمركم عليكم لئلا تضعوه في غير موضعه ولا تسألوا عنه غير أهله فيكون في مسألتكم إياهم هلاككم، فلما دعا إلى نفسه ولم يكن داخله ثم قلتم لابد إذا كان ذلك منه يثبت على ذلك ولا يتحول عنه إلى غيره، قلت: لأنه كان له من التقية والكف أولى، وأما إذا تكلم فقد لزمه الجواب فيما يسأل عنه وصار الذي كنتم تزعمون أنكم تذمون به فإن الأمر مردود إلى غيركم وإن الفرض عليكم اتباعهم فيه إليكم، فصبرتم ما استقام في عقولكم وآرائكم وصح به القياس عندكم بذلك لازما لما زعمتم من أن لا يصح أمرنا زعمتم حتى يكون ذلك علي لكم، فإن قلتم لم يكن كذلك لصاحبكم فصار الأمر أن وقع إليكم نبذتم أمر ربكم وراء ظهوركم فلا أتبع أهواءكم قد ضللت إذا وما أنا من المهتدين، وما كان بد من أن تكونوا كما كان من قبلكم قد أخبرتم انها السنن والأمثال القذة بالقذة وما كان يكون ما طلبتم من الكف أولا ومن الجواب آخرا شفاء لصدوركم ولإذهاب شككم، وقد كان بد من أن يكون ما قد كان منكم ولا يذهب عن قلوبكم حتى يذهبه الله عنكم، ولو قدر الناس كلهم على أن يحبونا ويعرفوا حقنا ويسلموا لأمرنا فعلوا ولكن الله يفعل ما يشاء ويهدي إليه من أناب، فقد أجبتك في مسائل كثيرة فانظر أنت ومن أراد المسائل منها وتدبرها، فإن لم يكن في المسائل شفاء فقد مضى إليكم مني ما فيه حجة ومعتبر، وكثرة المسائل معتبه عندنا مكروهة، إنما يريد أصحاب المسائل المحنة ليجدوا سبيلا إلى الشبهة والضلالة، ومن أراد لبسا لبس الله عليه ووكله إلى نفسه، ولا ترى أنت وأصحابك أني أجبت