على أمرهم، فنهض عنهم، ثم قال: شدوهم وثاقا، وعلي بالفعلة والنار والحطب، ثم أمر بحفر بئرين، فحفرتا، فجعل إحداهما سربا (1)، والأخرى مكشوفة، وألقى الحطب في المكشوفة، وفتح بينهما فتحا، وألقى النار في الحطب، فدخن عليهم، وجعل يهتف بهم، ويناشدهم: إرجعوا إلى الاسلام، فأبوا، فأمر بالحطب والنار، وألقى عليهم، فاحترقوا، فقال الشاعر:
لترم بي المنية حيث شاءت * إذا لم ترم بي في الحفرتين إذا ما حشتا حطبا بنار (2) * فذاك الموت نقدا غير دين قال: فلم يبرح واقفا عليهم حتى صاروا حمما.
قال أبو العباس: ثم إن جماعة من أصحاب علي، منهم عبد الله بن عباس، شفعوا في عبد الله بن سبأ خاصة، وقالوا: يا أمير المؤمنين، إنه قد تاب فاعف عنه، فأطلقه بعد أن اشترط عليه ألا يقيم بالكوفة، فقال: أين أذهب؟ قال: المدائن، فنفاه إلى المدائن، فلما قتل أمير المؤمنين عليه السلام أظهر مقالته، وصارت له طائفة وفرقة يصدقونه ويتبعونه، وقال لما بلغه قتل علي: والله لو جئتمونا بدماغه في سبعين صرة، لعلمنا أنه لم يمت، ولا يموت حتى يسوق العرب بعصاه. فلما بلغ ابن عباس ذلك، قال: لو علمنا أنه يرجع لما تزوجنا نساءه، ولا قسمنا ميراثه.
قال أصحاب المقالات: واجتمع إلى عبد الله بن سبأ بالمدائن جماعة