ووضع الجمجمة فيه ثم قال:
" أقسمت عليك يا جمجمة! أخبريني من أنا؟ ومن أنت؟ " فنطقت الجمجمة بلسان فصيح، فقالت:
" أما أنت فأمير المؤمنين وسيد الوصيين، وأما أنا فعبد الله وابن أمة الله كسرى أنو شروان! ".
فانصرف الذين كانوا معه من أهل ساباط إلى أهاليهم وأخبروهم بما كانوا سمعوه من الجمجمة، فاضطربوا واختلفوا في معنى أمير المؤمنين، وقال بعضهم فيه مثل ما قال النصارى في المسيح، ومثل قول عبد الله بن سبأ وأصحابه، فقال له أصحابه:
" إن تركتهم على مثل هذا كفر الناس " فلما سمع ذلك منهم قال لهم:
" ما تحبون أن أصنع بهم؟ " قالوا:
" تحرقهم بالنار كما أحرقت عبد الله بن سبأ وأصحابه " فأحضرهم وقال:
" ما حملكم على ما قلتم؟ " قالوا:
" سمعنا كلام الجمجمة النخرة ومخاطبتها إياك ولا يجوز ذلك إلا لله تعالى! فمن ذلك قلنا ما قلنا ". فقال:
" ارجعوا عن (*) كلامكم وتوبوا إلى الله " فقالوا:
" ما كنا نرجع عن قولنا فاصنع ما أنت صانع " فأمر أن تضرم لهم النار وحرقهم فلما احترقوا، قال:
" اسحقوهم وأذروهم في الريح " فسحقوهم وذروهم في