وفي آية كريمة أخرى جعل المولى سبحانه بولايته كمال الدين بقوله: اليوم أكملت لكم دينكم، وأتممت عليكم نعمتي، ورضيت لكم الاسلام دينا. ولا معنى لذلك إلا كونها أصلا من أصول الدين لولاها بقي الدين مخدجا، ونعم الله على عباده ناقصة، وبها تمام الاسلام الذي رضيه رب المسلمين لهم دينا.
وجعل هذه الولاية بحث إذا لم تبلغ كان الرسول صلى الله عليه وآله ما بلغ رسالته فقال: يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته والله يعصمك من الناس. ولعلك تزداد بصيرة فيما قلناه لو راجعت الأحاديث الواردة من عشرات الطرق في الآيات الثلاث كما فصلناها في الجزء الأول ص 214 - 223 و 230 - 238 وفي هذا الجزء.
وبمقربة من هذه كلها ما مر في الجزء الثاني ص 301، 302 من إناطة الأعمال كلها بصحة الولاية، وقد أخذت شرطا فيها، وهذا هو معنى الأصل كما أنه كذلك بالنسبة إلى التوحيد والنبوة، وليس في فروع الدين حكم هو هكذا.
ولعل هذا الذي ذكرناه كان مسلما عند الصحابة الأولين ولذلك يقول عمر بن الخطاب لما جاءه رجلان يتخاصمان عنده: هذا مولاي ومولى كل مؤمن، ومن لم يكن مولاه فليس بمؤمن. راجع الجزء الأول صفحة 382.
وستوافيك في هذا الجزء زرافة من الأحاديث المستفيضة الدالة على أن بغضه صلوات الله عليه سمة النفاق وشارة الالحاد، ولولاه عليه السلام لما عرف المؤمنون بعد رسول الله صلى الله عليه وآله، ولا يبغضه أحد إلا وهو خارج من الإيمان، فهي تدل على تنكب الحائد عن الولاية عن سوي الصراط كمن حاد عن التوحيد والنبوة، فلترتب كثير من أحكام الأصلين على الولاية يقرب عدها من الأصول، ولا ينافي ذلك شذوذها عن بعض أحكامهما لما هنالك من الحكم والمصالح الاجتماعية كما لا يخفى].
وأما نفي الصفات فإن كان بالمعنى الذي تحاوله الشيعة من نفيها زايدة على الذات بل هي عينها فهو عين التوحيد، والبحث في ذلك تتضمنه كتب الكلام، وإن كان بالمعني الذي ترمي إليه المعطلة فالشيعة منه برآء. وكذلك القول بأن القرآن مخلوق فإنه ليس مع الله سبحانه أزلي يضاهيه في القدم كما أثبتته البرهنة الصادقة المفصلة في كتب