امتحن الله قلبه للايمان، فقال: وإنما صار سلمان من العلماء لأنه امرئ منا أهل البيت، فلذلك نسبته إلى العلماء (1).
وهذا الخبر ينادي بجلالة قدر سلمان رضي الله عنه، وغزارة علمه ونباهة شأنه، وقد ذكر أصحابنا - عطر الله مراقدهم - فيه وجوها، كما في الغرر والدرر (2) لعلم الهدى عطر الله مرقده، وأظهر ما قيل فيه: ان ضمير الفاعل المستتر في (قتله) يعود إلى أبي ذر رضي الله عنه، والبارز يعود إلى سلمان، أي: لقتل أبو ذر سلمان، والسر فيه أن بعض العلوم والمعارف مما لا تقبله طباع أكثر الناس الواقفين على الظواهر ولا تروج عندهم، لقصورهم عن معرفة حقيقتها، فيحكمون بكفر ذويها ووجوب قتله، لتقاعد بصائرهم عن كنه الباطن، وانهارهم في رواية الظاهر.
وفي الخبر النبوي: ان من العلم كهيئة المكنون، لا يعلمه الا أهل المعرفة بالله.
وقال أمير المؤمنين (عليه السلام): اندمجت على مكنون علم لو بحت به لاضطربتم اضطراب الأرشية في الطوى البعيدة (3).
وقال (عليه السلام) في حديث كميل: ان هاهنا لعلما جما - وأشار بيده إلى صدره - لو أصبت له حملة (4).
وحيث كان سلمان رضي الله عنه آخذا من ذلك القبيل بالحظ الجليل، فائزا من العلوم العليا بالرقيب والعلى، شاربا من الينبوع النبوي، مقتبسا من المشكاة المرتضوية، عارجا إلى معارج الأسرار التي يجب صونها عن الأغيار، وقد ورد في شأنه أنه محدث، وكان أبو ذر رضي الله عنه منحصرا في زاوية العلوم الظاهرية، فنسبته إلى سلمان