أخي في الدنيا والآخرة (1).
أقول: أخبار القوم في دساتيرهم وأصحتهم متطابقة على هذا المضمون، وقد رواه أبو داوود من عظمائهم في سننه (2).
وروى الفقيه أبو الحسن بن المغازلي الشافعي عن أنس، قال: لما كان يوم المباهلة وآخى النبي (صلى الله عليه وآله) بين المهاجرين والأنصار، وعلي (عليه السلام) واقف يراه ويعرف مكانه، ولم يواخ بينه وبين أحد، فانصرف علي (عليه السلام) باكي العين، فافتقده النبي (صلى الله عليه وآله) فقال: ما فعل أبو الحسن؟ قالوا: انصرف باكي العين يا رسول الله، قال: بلال اذهب فأتني به.
فمضى بلال إلى علي (عليه السلام) وقد دخل منزله باكي العين، فقالت فاطمة (عليها السلام): ما يبكيك لا أبكى الله عينيك؟ فقال: ان النبي (صلى الله عليه وآله) آخى بين المهاجرين والأنصار وأنا واقف يراني ويعرف مكاني ولم يؤاخ بيني وبين أحد، فقالت: لا يحزنك انه لعله إنما أدخرك لنفسه، فقال بلال: يا علي أجب رسول الله.
فأتى علي (عليه السلام) فقال له النبي (صلى الله عليه وآله): ما يبكيك يا أبا الحسن؟ فقال: آخيت بين المهاجرين والأنصار يا رسول الله وأنا واقف تراني وتعرف مكاني ولم تؤاخ بيني وبين أحد، قال: إنما ادخرتك لنفسي ألا يسرك أن تكون أخا نبيك؟ فقال: بلى يا رسول الله وأنى لي بذلك.
فأخذه بيده فأرقاه المنبر وقال: اللهم هذا مني وأنا منه الا أنه مني بمنزلة هارون من موسى، ألا من كنت مولاه فعلي مولاه، قال: فانصرف علي قرير العين، فأتبعه عمر بن الخطاب وقال: بخ بخ يا أبا الحسن أصبحت مولاي ومولى كل مؤمن وكل مسلم (3).