من البلاد السحيقة البعيدة شعثا غبرا قد فارقوا شهواتهم وبلادهم وأوطانهم وأخدانهم ابتغاء مرضاتي ألا فانظروا إلى قلوبهم وما فيها فقد قويت أبصاركم يا ملائكتي على الاطلاع عليها قال: فتطلع الملائكة على قلوبهم فيقولون: يا ربنا اطلعنا عليها و بعضهم سود مدلهمة يرتفع عنها كدخان جهنم فيقول الله: أولئك الأشقياء الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا، تلك قلوب خاوية من الخيرات خالية من الطاعات مصرة على المؤذيات المحرمات تعتقد تعظيم من أهناه وتصغير من فخمناه وبجلناه لئن وافوني كذلك لأشددن عذابهم ولأطيلن حسابهم تلك قلوب اعتقدت أن محمدا رسول الله صلى الله عليه وآله كذب على الله أو غلط عن الله في تقليده أخاه ووصيه إقامة أود عباد الله والقيام بسياساتهم حتى يروا الامن في إقامة الدين في انقاذ الهالكين ونعيم الجاهلين وتنبيه الغافلين الذين بئس المطايا إلى جهنم مطاياهم. ثم يقول الله عز وجل يا ملائكتي انظروا فينظرون فيقولون ربنا وقد اطلعنا على قلوب هؤلاء الآخرين وهي بيض مضيئة يرتفع عنها الأنوار إلى السماوات والحجب وتخرقها إلى أن تستقر عند ساق عرشك يا رحمن يقول الله عز وجل أولئك السعداء الذين تقبل الله أعمالهم وشكر سعيهم في الحياة الدنيا فإنهم قد أحسنوا فيها صنعا تلك قلوب حاوية للخيرات مشتملة على الطاعات مدمنة على المنجيات المشرفات تعتقد تعظيم من عظمناه وإهانة من أرذلناه لئن وافوني كذلك لأثقلن من جهة الحسنات موازينهم ولأخففن من جهة السيئات موازينهم ولأعظمن أنوارهم ولأجعلن في دار كرامتي ومستقر رحمتي محلهم وقرارهم تلك قلوب اعتقدت أن محمدا رسول الله صلى الله عليه وآله هو الصادق في كل أقواله المحق في كل أفعاله الشريف في كل خلاله المبرز بالفضل في جميع خصاله وأنه قد أصاب في نصبه أمير المؤمنين عليا إماما وعلما على دين الله واضحا واتخذوا أمير المؤمنين امام هدى وواقيا من الردى، الحق ما دعا إليه والصواب والحكمة ما دل عليه، والسعيد من وصل حبله بحبله، والشقي الهالك من خرج من جملة المؤمنين به والمطيعين له نعم المطايا إلى الجنان مطاياهم، سوف ننزلهم منها أشرف غرف الجنان، ونسقيهم من
(٢٦٠)