ألا فليأته كل مؤمن له معظم بطاعة الله فيه، فليأخذ حظه من هذه الخلع، فتقاسموها بينكم على قدر طاعتكم لله وجد كم قال: فيأتيه المؤمنون الذين كانوا لله فيه مطيعين فيأخذون من تلك الخلع على مقادير طاعتهم كانت في الدنيا، فمنهم من يأخذ ألف خلعة، ومنهم من يأخذ عشرة ألاف، ومنهم من يأخذ أكثر من ذلك وأقل، فيشرفهم الله بكراماته.
ألا وإن أقواما يتعاطون تناول تلك الخلع، يقولون في أنفسهم: لقد كنا بالله مؤمنين، وله موحدين، وبفضل هذا الشهر معترفين فيأخذونها ويلبسونها فتتقلب على أبدانهم مقطعات نيران، وسرابيل قطران، يخرج على كل واحد منهم بعدد كل سلكة من تلك الثياب أفعى وعقرب وقد تناولوا من تلك الثياب أعدادا مختلفة على قدر أجرامهم: كل من كان جرمه أعظم فعدد ثيابه أكثر فمنهم الاخذ ألف ثوب، ومنهم الاخذ عشرة آلاف ثوب، ومنهم من يأخذ أكثر من ذلك وإنها لاثقل على أبدانهم من الجبال الرواسي على الضعيف من الرجال، ولولا ما حكم الله تعالى بأنهم لا يموتون لماتوا من أقل قليل ذلك الثقل والعذاب، ثم يخرج عليهم بعدد كل سلكة في تلك السرابيل من القطران ومقطعات النيران أفعى وحية وعقرب وأسد ونمر وكلب من سباع النار، فهذه تنهشه، وهذه تلدغه، وهذا يفرسه وهذا يمزقه، وهذا يقطعه.
يقولون: يا ويلنا مالنا تحولت علينا هذه الثياب، وقد كانت من سندس وإستبرق وأنواع خيار أثواب الجنة تحولت علينا مقطعات النيران، وسرابيل قطران وهي على هؤلاء ثياب فاخرة ملذذة منعمة؟
فيقال لهم: ذلك بما كانوا يطيعون في شهر رمضان، وكنتم تعصون، وكانوا يعفون وكنتم تزنون، وكانوا يخشون ربهم وكنتم تجترؤن، وكانوا يتقون السرق وكنتم تسرقون، وكانوا يتقون ظلم عباد الله وكنتم تظلمون، فتلك نتايج أفعالهم الحسنة! وهذه نتايج أفعالكم القبيحة.
فهم في الجنة خالدون، لا يشيبون فيها ولا يهرمون، ولا يحولون عنها ولا