ولا أطيب منها.
قال الراوي: وانتبه المجوسي من نومته، وهو يجد بردها على قلبه و رطوبتها على شفتيه ولحيته، فانتبه مرتاعا، وجلس فزعا، فقالت زوجته: ما شأنك؟ فحدثها بما رآه من أوله إلى آخره، وأراها رطوبة الماء على لحيته وشفتيه فقالت له: يا هذا قد ساق إليك خيرا بما فعلت مع هذه المرأة والأطفال العلويين فقال: نعم والله لا أطلب أثرا بعد عين.
قال الراوي: وقام الرجل من ساعته، وأسرج الشمع، وخرج هو وزوجته حتى دخل على البيت الذي تسكنه العلوية، وحدثها بما رآه، فقامت، وسجدت لله شكرا، وقالت: والله إني لم أزل طول ليلتي أطلب إلى الله هدايتك للاسلام والحمد لله على استجابة دعائي فيك، فقال لها: اعرضي على الاسلام فعرضته عليه فأسلم وحسن إسلامه، وأسلمت زوجته وجميع بناته وجواره وغلمانه، وأحضرهم مع العلوية حتى أسلموا جميعهم.
قال الراوي: وأما ما كان من الملك فإنه في تلك الليلة لما آوى إلى فراشه رآى في منامه ما رآه المجوسي وأنه قد أقبل إلى الكوثر فقال: يا أمير المؤمنين اسقني فاني ولي من أوليائك، فقال له علي عليه السلام: اطلب من رسول الله صلى الله عليه وآله فاني لا أسقي أحدا إلا بأمره، فأقبل على رسول الله صلى الله عليه وآله فقال: يا رسول الله صلى الله عليه وآله مر لي بشربة من الماء فاني ولي من أوليائكم، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: ائتني على ذلك بشهود، فقال: يا رسول الله صلى الله عليه وآله وكيف تطلب مني الشهود دون غيري من أوليائكم؟
فقال صلى الله عليه وآله: وكيف طلبت الشهود من ابنتنا العلوية، لما أتتك وبناتها تطلب منك أن تأويها في منزلك؟.
فقال: ثم انتبه وهو حيران القلب شديد الظماء، فوقع في الحسرة والندامة على ما فرط منه في حق العلوية، وتأسف على ردها فبقي ساهرا بقية ليلته حتى أصبح وركب وقت الصبح يطلب العلوية ويسأل عنها، فلم يزل يسأل ولم يجد من يخبره عنها، حتى وقع على السوقي، الذي أراد أن يدلها على الخان.