ولا منعة عندي، مقلوبة (1) بكرب الموت طرفي جزعا، فيا لك من مصرع ما أقطعه عندي مغلوبة (2) بكرب الموت نفسي، تختلج لها أعضائي وأوصالي، وكل عرق ساكن مني، فكأني بملك الموت يستل روحي، مستسلم له، بل على الكراهة مني.
كذا رسل ربي يقبضون في الحر روحي، فعندها ينقطع من الدنيا أثري وأغلق باب توبتي، ورفعت كتبي، وطويت صحيفتي، وعفا ذكري، ورفع عملي وأدخلت في هول آخرتي، وصرت جسدا بين أهلي، يصرخون ويبكون حولي وقد استوحشوا مني، وأحبوا فرقتي، وعجلوا إلي كفني، وحملوني إلى حفرتي فألقيت فيها لحيني (3) وسويت الأرض علي من فوقي، وسلموا علي وودعوني وأقمت في منتها من كان قبلي من جيران لا يؤانسوني، ولا أزورهم، ولا يزوروني وفي عسكر الموت خلفوني، فيه مضجعي ومنامي، وحش فقر مكاني، قد ذهب الأهلون عني، وأيقنوا بالتفرقة مني، لا يرجوني آخر الدهر ليس أحد منهم يؤنسني في وحشتي، ولا يحمل ذنبا من ذنوبي، وكل قد ذهل عني، وتركوني وحيدا في قبري.
[و] أنا صاحب نفسي لا يراني أحد من الناس ما يفعل بي، فان تك ربي راضيا عني فطوبى ثم طوبى لي، وإن تكن الأخرى فيا حسرتي، ويا ندامتا، على ما فرطت في جنب ربي، وكيف أذكر هذا الامر ثم لا تدمع له عيني، ولا يفزع لذكره قلبي، ولا ترعد له فرائصي، ولا أحمل على ثقله نفسي، ولا اقصر على هواي وشهواتي، مغرور في دار غرور قد خفت أن لا يكون هذا الصدق مني.
فأشكو إليك يا رب قسوة قلبي، وتقصيري وإبطائي، وقلة شكر ربي، رب جعلت لي جوارح لاستبهام النعم منك يحق بي لك الشكر على جوارحي وأعضائي وأوصالي بالذي يحق لك عليها من العبادة، بخشوع نفسي وبصري، وجميع أركاني