عن عاصم، عن عبد الله بن سلمان الفارسي، عن أبيه قال: خرجت من منزلي يوما بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وآله بعشرة أيام فلقيني علي بن أبي طالب عليه السلام ابن عم الرسول صلى الله عليه وآله فقال لي: يا سلمان جفوتنا بعد رسول الله صلى الله عليه وآله فقلت: حبيبي أبا الحسن مثلكم لا يجفى، غير أن حزني على رسول الله صلى الله عليه وآله طال، فهو الذي منعني من زيارتكم فقال عليه السلام: يا سلمان ائت منزل فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وآله فإنها إليك مشتاقة تريد أن تتحفك بتحفة قد أتحفت بها من الجنة، قلت لعلي عليه السلام: قد أتحفت فاطمة عليها السلام بشئ من الجنة بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وآله؟ قال: نعم بالأمس.
قال سلمان: فهرولت إلى منزل فاطمة بنت محمد صلى الله عليه وآله فإذا هي جالسة وعليها قطعة عباء إذا خمرت رأسها انجلى ساقها، وإذا غطت ساقها انكشفت رأسها، فلما نظرت إلي اعتجرت ثم قالت: يا سلمان جفوتني بعد وفات أبي صلى الله عليه وآله، قلت: حبيبتي لم أجفكم، قالت: فمه، اجلس واعقل ما أقول لك.
إني كنت جالسة بالأمس في هذا المجلس وباب الدار مغلق، وأنا أتفكر في انقطاع الوحي عنا وانصراف الملائكة عن منزلنا، فإذا انفتح الباب من غير أن يفتحه أحد فدخل علي ثلاث جوار لم ير الراؤون بحسنهن ولا كهيئتهن، ولا نضارة وجوههن، ولا أزكى من ريحهن، فلما رأيتهن قمت إليهن متنكرة لهن، فقلت لهن: بأبي أنتن من أهل مكة أم من أهل المدينة؟ فقلن: يا بنت محمد لسنا من أهل مكة، ولا من أهل المدينة، ولا من أهل الأرض جميعا، غير أننا جوار من الحور العين من دار السلام، أرسلنا رب العزة إليك يا بنت محمد إنا إليك مشتاقات.
فقلت للتي أظن أنها أكبر سنا: ما اسمك؟ قالت: اسمي مقدودة، قلت:
ولم سميت مقدودة؟ قالت: خلقت للمقداد بن الأسود الكندي، صاحب رسول الله صلى الله عليه وآله، فقلت للثانية: ما اسمك؟ قالت ذرة، قلت: ولم سميت ذرة وأنت في عيني نبيلة؟ قالت: خلقت لأبي ذر الغفاري صاحب رسول الله صلى الله عليه وآله، فقلت للثالثة: ما اسمك؟ قالت: سلمى، قلت: ولم سميت سلمى؟ قالت: أنا لسلمان الفارسي مولى أبيك رسول الله صلى الله عليه وآله.