اللهم وكم من سحائب مكروه جليتها، وسماء نعمة أمطرتها، وجداول كرامة أجريتها، وأعين أجداث طمستها، وناشي رحمة نشرتها، وغواشي كرب فرجتها، وغمم بلاء كشفتها، وجنة عافية ألبستها، وأمور حادثة قدرتها، لم تعجزك إذ طلبتها، ولم تمتنع منك إذ أردتها.
اللهم وكم من حاسد سوء تولني (1) بحسده، وسلقني بحد لسانه (2) ووخزني بغرب عينه، وجعل عرضي غرضا لمراميه، وقلدني خلالا لم تزل فيه كفيتني أمره.
اللهم وكم من ظن حسن حققت، وعدم إملاق ضرني جبرت وأوسعت ومن صرعة أقمت، ومن كربة نفست، ومن مسكنة حولت، ومن نعمة خولت لا تسأل عما تفعل ولا بما أعطيت تبخل، ولقد سئلت فبذلت، ولم تسئل فابتدأت واستميح فضلك فما أكديت، أبيت إلا إنعاما وامتنانا وتطولا، وأبيت إلا تقحما على معاصيك، وانتهاكا لحرماتك، وتعديا لحدودك، وغفلة عن وعيدك وطاعة لعدوي وعدوك، لم تمتنع عن إتمام إحسانك، وتتابع امتنانك، ولم يحجزني ذلك عن ارتكاب مساخطك.
اللهم فهذا مقام المعترف لك بالتقصير عن أداء حقك، الشاهد على نفسه بسبوغ نعمتك، وحسن كفايتك، فهب لي اللهم يا إلهي ما أصل به إلى رحمتك وأتخذه سلما أعرج فيه إلى مرضاتك، وآمن به من عقابك، فإنك تفعل ما تشاء وتحكم ما تريد، وأنت على كل شئ قدير.
اللهم حمدي لك متواصل، وثنائي عليك دائم، من الدهر إلى الدهر بألوان التسبيح، وفنون التقديس، خالصا لذكرك، ومرضيا لك بناصع التوحيد ومحض التحميد، وطول التعديد في إكذاب أهل التنديد (3).