في العرفان، فلك الحمد على مكارمك التي لا تحصى، في الليل إذا أدبر، والصبح إذا أسفر، وفي البر والبحار، والغدو والآصال، والعشي والابكار، والظهيرة والاسحار، وفي كل جزء من أجزاء الليل والنهار.
اللهم بتوفيقك قد أحضرتني النجاة وجعلتني منك في ولاية العصمة، فلم أبرح منك في سبوغ نعمائك، وتتابع آلائك، محروسا لك في الرد والامتناع، محفوظا لك في المنعة والدفاع عني، ولم تكلفني فوق طاقتي ولم ترض عني إلا طاعتي فإنك أنت الله الذي لا إله إلا أنت لم تغب ولا تغيب عنك غائبة، ولا تخفى عليك خافية، ولن تضل عنك في ظلم الخفيات ضالة، إنما أمرك إذا أردت شيئا أن تقول له كن فيكون.
اللهم إني أحمدك، فلك الحمد مثل ما حمدت به نفسك، وأضعاف ما حمدك به الحامدون، ومجدك به الممجدون، وكبرك به المكبرون، وسبحك به المسبحون، وهللك به المهللون، وعظمك به المعظمون، ووحدك به الموحدون حتى يكون لك مني وحدي في كل طرفة عين وأقل من ذلك مثل حمد جميع الحامدين، وتوحيد أصناف الموحدين والمخلصين، وتقديس أجناس العارفين وثناء جميع المهللين والمصلين والمسبحين، ومثل ما أنت به عالم وعارف وهو محمود محبوب ومحجوب من جميع خلقك كلهم من الحيوانات، وأرغب إليك في بركة ما أنطقتني به من حمدك، فما أيسر ما كلفتني به من حقك، وأعظم ما وعدتني به على شكرك.
ابتدأتني بالنعم فضلا وطولا، وأمرتني بالشكر حقا وعدلا، ووعدتني عليه أضعافا ومزيدا، وأعطيتني من رزقك واسعا اختيارا، ورضا، وسألتني منه شكرا يسيرا صغيرا إذ نجيتني وعافيتني من جهد البلاء، ولم تسلمني لسوء قضائك وبلائك وجعلت ملبسي العافية، وأوليتني البسطة والرخاء، وشرعت لي من الدين أيسر القول والفعل، وسوغت لي أيسر الصدق (1) وضاعفت لي أشرف