ذي قربى، قريبا من كل ذمي ومسلم، رقيق القلب، دائم الاطراق، لم يبشم قط من شبع، ولا يمد يده إلى طمع.
قال أبو سلمة: فدخلت على عائشة فحدثتها كل هذا من أبي سعيد، فقالت:
ما أخطأ فيه حرفا، ولقد قصر، إذ ما أخبرك أن رسول الله صلى الله عليه وآله لم يمتلئ قط شبعا، ولم يبث إلى أحد شكوى، وإن كانت الفاقة أحب إليه من اليسار والغنى وإن كان ليظل جائعا يتلوى ليلته حتى يصبح، فما يمنعه ذلك عن صيام يومه ولو شاء أن يسأل ربه فيؤتى كنوز الأرض وثمارها، ورغد عيشها من مشارقها ومغاربها، لفعل.
وربما بكيت رحمة له مما أوتي من الجوع فأمسح بطنه بيدي، فأقول:
نفسي لك الفداء، لو تبلغت من الدنيا بقدر ما يقوتك، ويمنعك من الجوع، فيقول يا عايشه إخواني من أولي العزم من الرسل قد صبروا على ما هو أشد من هذا فمضوا على حالهم، فقدموا على ربهم، فأكرم مآبهم، وأجزل ثوابهم، فأجدني استحيي إن ترفهت في معيشتي أن يقصر بي دونهم، فاصبر أياما يسيرة أحب إلي من أن ينقص حظي غدا في الآخرة، وما من شئ أحب إلي من اللحوق باخواني وأخلائي فقالت عايشة: فوالله ما استكمل بعد ذلك جمعة حتى قبضه الله تعالى.
فما نقل من أخلاقه صلى الله عليه وآله يجمع جملة أخلاق المتواضعين فمن طلب التواضع فليقتد به، ومن رأى نفسه فوق محله صلى الله عليه وآله ولم يرض لنفسه بما رضي هو به، فما أشد جهله، فلقد كان رسول الله صلى الله عليه وآله أعظم خلق الله تعالى منصبا في الدين والدنيا، فلا عزة ولا رفعة إلا في الاقتداء به، ولذلك لما عوتب بعض الصحابة في بذاذة هيئته، قال: إنا قوم أعزنا الله تعالى بالاسلام، فلا نطلب العز في غيره.
2 - الكافي: عن محمد بن يحيى، عن ابن عيسى، عن علي بن الحكم، عن الحسين بن أبي العلا، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: سمعته يقول: الكبر قد يكون