" إن فيها قوما جبارين " (1) " كذلك يطبع الله على كل قلب متكبر جبار " (2) اي متعال عن قبول الحق والاذعان له، وإما في وصفه تعالى نحو: " العزيز الجبار المتكبر " (3) فقد قيل: سمي بذلك من قولهم جبرت الفقير، لأنه هو الذي يجبر الناس [بفائض نعمه (4) وقيل: لأنه يجبر الناس أي يقهرهم على ما يريده.
ودفع بعض أهل اللغة ذلك من حيث اللفظ فقال: لا يقال من أفعلت: فعال فجبار لا يبنى من أجبرت، فأجيب عنه بأن ذلك من لفظ الجبر المروي في قوله " لا جبر ولا تفويض " لا من الاجبار.
وأنكر جماعة من المعتزلة ذلك من حيث المعنى فقالوا تعالى الله عن ذلك وليس ذلك بمنكر، فان الله تعالى قد أجبر الناس على أشياء لا انفكاك لهم منها حسب ما تقتضيه الحكمة الإلهية، لا على ما تتوهمه الغواة الجهلة، وذلك لاكراههم على المرض والموت والبعث وسخر كلا منهم بصناعة يتعاطاها وطريقة من الأخلاق والأعمال يتحراها وجعله مجبرا في صورة مخير، فاما راض بصنعته لا يريد عنها حولا، وإما كاره لها يكابدها مع كراهية لها، كأنه لا يجد عنها بدلا، قال: " فتقطعوا أمرهم بينهم [زبرا] كل حزب بما لديهم فرحون " (5) وقال تعالى: " نحن قسمنا بينهم معيشتهم في الحياة الدنيا " (6) وعلى هذا الحد وصف بالقاهر وهو لا يقهر إلا على ما تقتضي الحكمة أن يقهر عليه (7).