وأركب الدابة الفارهة، ويتبعني الغلام، فترى في هذا شيئا من التجبر فلا أفعله؟
فأطرق أبو عبد الله عليه السلام ثم قال: إنما الجبار الملعون من غمص الناس وجهل الحق قال عمر: قلت: أما الحق فلا أجهله والغمص لا أدري ما هو؟ قال: من حقر الناس وتجبر عليهم فذلك الجبار (1).
بيان: في النهاية دابة فارهة أي نشيطة حادة قوية انتهى، وكأن السائل إنما سأل عن هذه الأشياء لأنها سيرة المتكبرين، لتفرعها على الكبر، وكون الكبر سبب ارتكابها غالبا فأجاب عليه السلام ببيان معنى التكبر ليعلم أنها إن كانت مستلزمة للتكبر فلا بد من تركها، وإلا فلا، كيف وسيأتي أن الله جميل يحب الجمال، وإطراقه وسكوته عليه السلام للاشعار بأنها في محل الخطر ومستلزمة للتكبر ببعض معانيه والتجبر التكبر والجبار العاتي.
14 - الكافي: عن محمد بن جعفر، عن محمد بن عبد الحميد، عن عاصم بن حميد عن أبي حمزة، عن أبي جعفر عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: ثلاثة لا يكلمهم الله ولا ينظر إليهم يوم القيامة ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم: شيخ زان، وملك جبار ومقل مختال (2).
بيان: " لا يكلمهم الله " إشارة إلى قوله تعالى: " إن الذين يشترون بعهد الله وأيمانهم ثمنا قليلا أولئك لا خلاق لهم في الآخرة ولا يكلمهم الله ولا ينظر إليهم يوم القيمة ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم " (3) والمعنى لا يكلمهم كلام رضا بل كلام سخط مثل " اخسؤا فيها ولا تكلمون " (4).
وقيل: لا يكلمهم بلا واسطة، بل الملائكة يتعرضون لحسابهم وعتابهم وقيل: هو كناية عن الاعراض والغضب، فان من غضب على أحد قطع كلامه وقيل: اي لا ينتفعون بكلام الله وآياته، ومعنى لا ينظر إليهم أنه لا ينظر إليهم