تعالى، فإنها من الافعال الظاهرة التي لابد للمرء من الاتيان بها خوفا أو طمعا ورياء لا سيما للمتسمين بالصلاح، فيأتون بها من غير إخلاص حتى يعتادونها، ولا غرض لهم في تركها غالبا، والدواعي الدنيوية في فعلها لهم كثيرة، بخلاف الصدق وأداء الأمانة فإنهما من الأمور الخفية وظهور خلافهما على الناس نادر، و الدواعي الدنيوية على تركهما كثيرة، فاختبروهم بهما، لان الآتي بهما غالبا من أهل الصلاح والخوف من الله، مع أنهما من الصفات الحسنة التي تدعو إلى كثير من الخيرات، وبهما تحصل كمال النفس، وإن لم تكونا لله، وأيضا الصدق يمنع كون العمل لغير الله، فان الرياء حقيقة من أقبح أنواع الكذب، كما يومئ إليه الخبر الآتي 3 - الكافي: عن العدة، عن سهل، عن ابن أبي نجران، عن مثنى الحناط، عن محمد بن مسلم، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: من صدق لسانه زكا عمله (1) بيان: " زكا عمله " أي يصير عمله بسببه زاكيا أي ناميا في الثواب، لأنه إنما يتقبل الله من المتقين، وهو من أعظم أركان التقوى، أو كثيرا لان الصدق مع الله يوجب الاتيان بما أمر الله، والصدق مع الخلق أيضا يوجب ذلك، لأنه إذا سئل عن عمل هل يفعله؟ - ولم يفعله - لا يمكنه ادعاء فعله، فيأتي بذلك، ولعله بعد ذلك يصير خالصا لله أو يقال: لما كان الصدق لازما للخوف، والخوف ملزوما لكثرة الأعمال فالصدق ملزوم لها أو المعنى طهر عمله من الرياء، فإنها نوع من الكذب، كما أشرنا إليه في الخبر السابق، وفي بعض النسخ زكي على المجهول من بناء التفعيل، بمعنى القبول أي يمدح الله عمله ويقبله، فيرجع إلى المعنى الأول ويؤيده.
4 - الكافي: عن محمد بن يحيى، عن محمد بن الحسين، عن موسى بن سعدان، عن عبد الله بن القاسم، عن عمرو بن أبي المقدام قال: قال لي أبو جعفر (عليه السلام) في أول دخلة دخلت عليه: تعلموا الصدق قبل الحديث (2)