وأصوم وأفطر وأضحك وأبكي، فمن رغب من منهاجي وسنتي فليس مني وقال: كفى بالموت موعظة، وكفى باليقين غنى، وكفى بالعبادة شغلا (1) تبيين: " إن لكل عبادة شرة " الشرة بكسر الشين وتشديد الراء شدة الرغبة، قال في النهاية: فيه إن لهذا القرآن شرة، ثم إن للناس عنه فترة:
الشرة النشاط والرغبة، ومنه الحديث الاخر: لكل عابد شرة، وقال في حديث ابن مسعود: إنه مرض فبكى فقال: إنما أبكي لأنه أصابني على حال فترة، ولم يصبني على حال اجتهاد، أي في حال سكون وتقليل من العبادات والمجاهدات انتهى " إلى سنتي " أي منتهيا إليها أو " إلى " بمعنى " مع " أي لا تدعوه كثرة الرغبة في العبادة إلى ارتكاب البدع كالرياضات المبتدعة للمتصوفة، بل يعمل بالسنن والتطوعات الواردة في السنة ويحتمل أن يكون المراد بانتهاء الشرة أن يكون ترك الشرة بالاقتصاد، والاكتفاء بالسنن، وترك بعض التطوعات لا بترك السنن أيضا ويؤيده الخبر الآتي " في تباب " أي تباب العمل أو صاحبه والتباب الخسران والهلاك، وفي بعض النسخ " في تبار " بالراء وهو أيضا الهلاك " كفى بالموت موعظة " الباء زائدة، والموعظة ما يتعظ الانسان به، ويصير سببا لانزجار النفس عن الخطايا، والميل إلى الدنيا، والركون إليها، وأعظمها الموت، إذ العاقل إذا تفكر فيه وفي غمراته وما يعقبه من أحوال البرزخ والقيامة وأهوالها، وما فعله بأهل الدنيا من قطع أيديهم عنها وإخراجهم منها طوعا أو كرها فجاءة من غير اطلاع منهم على وقت نزوله، وكيفية حلوله، هانت عنده الدنيا، وما فيها، وشرع في التهيئة له إن أعطاه الله تعالى بصيرة في ذلك " وكفى باليقين غنى " أي كفى اليقين بأن الله رازق العباد، وأنه يوسع على من يشاء، ويقتر على من يشاء، بحسب المصالح، سببا لغنى النفس، وعدم