لا تظهر عن (1) الفاسق. ونقل النووي في زيادات الروضة عن المستولي (2) نحو ذلك وينبغي أن يعتبر بحال من يقع الخارق منه، فإن كان متمسكا بالشريعة متجنبا للموبقات فالذي يظهر على يده من الخوارق كرامة، وإلا فهو سحر، لأنه ينشأ عن أحد أنواعه كإعانة الشياطين.
وقال القرطبي: السحر حيل صناعية يتوصل إليها بالاكتساب، غير أنها لدقتها لا يتوصل إليها إلا آحاد الناس. ومادتها الوقوف على خواص الأشياء، والعلم بوجوه تركيبتها وأوقاته، وأكثرها تخييلات بغير حقيقة، وإيهامات بغير ثبوت، فيعظم عند من لا يعرف ذلك، كما قال الله تعالى عن سحرة فرعون " وجاؤا بسحر عظيم " (3) مع أن حبالهم وعصيهم لم تخرج عن كونها حبالا وعصيا.
ثم قال: والحق أن لبعض أصناف السحر تأثيرا في القلوب، كالحب والبغض وإلقاء الخير والشر في الأبدان بالألم والسقم، وإنما المنكر أن الجماد ينقلب حيوانا وعكسه بسحر الساحر ونحو ذلك انتهى.
وقال شارح المقاصد: السحر إظهار أمر خارق للعادة من نفس شريرة خبيثة بمباشرة أعمال مخصوصة يجري فيها التعلم والتلمذ، وبهذين الاعتبارين يفارق المعجزة والكرامة، وبأنه لا يكون بحسب اقتراح المعترض، وبأنه يختص ببعض الأزمنة أو الأمكنة أو الشرائط، وبأنه قد يتصدى لمعارضته ويبذل الجهد في الإتيان بمثله وبأن صاحبه ربما يعلن بالفسق، ويتصف بالرجس في الظاهر والباطن، والخزي في الدنيا والآخرة، إلى غير ذلك من وجوه المفارقة. وهو عند أهل الحق جائز عقلا ثابت سمعا وكذلك الإصابة بالعين.
وقالت المعتزلة: هو مجرد إراءة ما لا حقيقة له بمنزلة الشعبذة التي سببها خفة حركات اليد أو خفاء وجه الحيلة فيه.