تسعى " (1) يدل على أنه لا حقيقة للسحر، وإنما هو تخييل وتمويه.
قلنا: يجوز أن يكون سحرهم إيقاع ذلك التخيل وقد تحقق، ولو سلم فكون أثره في تلك الصورة هو التخييل لا يدل على أنه لا حقيقة له أصلا.
وأما الإصابة بالعين وهو أن يكون لبعض النفوس خاصية أنها إذا استحسنت شيئا لحقه الآفة، فثبوتها يكاد يجري مجرى المشاهدات التي لا تفتقر إلى حجة.
وقد قال النبي صلى الله عليه وآله " العين حق يدخل الرجل القبر والجمل القدر " وقد ذهب كثير من المفسرين إلى أن قوله تعالى " وإن يكاد الذين كفروا ليزلقونك بأبصارهم لما سمعوا الذكر ويقولون (2) - الآية " نزلت في ذلك.
وقالوا: كان العين في بني أسد، فكان الرجل منهم يتجوع ثلاثة أيام، فلا يمر به شئ يقول فيه " لم أر كاليوم " إلا عانه، فالتمس الكفار من بعض من كانت له هذه الصنعة أن يقول في رسول الله صلى الله عليه وآله ذلك، فعصمه الله.
واعترض الجبائي أن القوم ما كانوا ينظرون إلى النبي صلى الله عليه وآله نظر استحسان بل مقت ونقص.
والجواب أنهم كانوا يستحسنون منه الفصاحة وكثيرا من الصفات، وإن كانوا يبغضونه من جهة الدين.
ثم للقائلين بالسحر والعين اختلاف في جواز الاستعانة بالرقى والعوذ، وفي جواز تعليق التمائم، وفي جواز النفث والمسح. ولكل من الطرفين أخبار وآثار، والجواز هو الأرجح، والمسألة بالفقهيات أشبه - انتهى -.
وأقول: الذي ظهر لنا مما مضى من الآيات والأخبار والآثار أن. للسحر تأثيرا ما في بعض الأشخاص والأبدان، كإحداث حب أو بغض أو هم أو فرح، وأما تأثيره في إحياء شخص، أو قلب حقيقة إلى أخرى، كجعل الانسان بهيمة، فلا ريب في نفيهما، وأنهما من المعجزات. وكذا في كل ما يكون من هذا القبيل، كإبراء