رسول الله صلى الله عليه وآله فما عمل فيه السحر، وهذا معارض ذلك.
ثم قال قدس سره: إذا أقر أنه سحر فقتل بسحره متعمدا لا يجب عليه القود، وبه قال أبو حنيفة، وقال الشافعي: يجب عليه القود. دليلنا أن الأصل براءة الذمة، وأن هذا مما يقتل به يحتاج إلى دليل.
وأيضا فقد بينا أن الواحد لا يصح أن يقتل غيره بما لا يباشره به، إلا أن يسقيه ما يقتل به على العادة مثل السم، وليس السحر بشئ من ذلك.
وقد روى أصحابنا أن الساحر يقتل، والوجه فيه أن هذا فساد في الأرض والسعي فيها به، فلأجل ذلك وجب فيه (1) القتل.
وقال العلامة نور الله مرقده - في التحرير: السحر عقد ورمي كلام يتكلم به أو يكتبه أو يعمل شيئا يؤثر في بدن المسحور أو قلبه أو عقله من غير مباشرة، وقد يحصل به القتل والمرض والتفريق بين الرجل والمرأة وبغض أحدهما لصاحبه ومحبة أحد الشخصين للآخر، وهل له حقيقة أم لا؟ فيه نظر.
ثم قال: والسحر الذي يجب فيه (2) القتل هو ما يعد في العرف سحرا، كما نقل الأموي في مغازيه أن النجاشي دعا السواحر فنفخن في إحليل عمارة بن الوليد فهام مع الوحش، فلم يزل معها إلى أمارة عمر بن الخطاب، فأمسكه انسان، فقال:
خلني وإلا مت، فلم يخله فمات من ساعته.
وقيل: إن ساحرة أخذها بعض الأمراء، فجاء زوجها كالهائم، فقال قولوا لها تخل عني، فقالت: ائتوني بخيوط وباب، فأتوا بذلك فجلست وجعلت تعقد، فطار بها الباب فلم يقدروا عليها، وأمثال ذلك. وأما الذي يعزم على المصروع ويزعم أنه يجمع الجن ويأسرها فتطيعه، فلا يتعلق به حكم، والذي يحل السحر بشئ من القرآن والذكر والأقسام فلا بأس به، وإن كان بالسحر حرم على إشكال.
وقال في موضع آخر منه: الذي اختاره الشيخ - رحمه الله - أنه لا حقيقة