المشهورة - انتهى.
لكن محل النزاع أنه هل يقع بالسحر انقلاب عين أو لا، فمن قال إنه تخييل فقط منع من ذلك، ومن قال له حقيقة اختلفوا [في أنه] هل له تأثير فقط بحيث يغير المزاج فيكون نوعا من الأمراض، أو ينتهي إلى الإحالة بحيث يصير الجماد حيوانا مثلا وعكسه. فالذي عليه الجمهور هو الأول، وذهبت طائفة قليلة إلى الثاني، فإن كان بالنظر إلى القدرة الإلهية فمسلم، وإن كان بالنظر إلى الواقع فهو محل الخلاف فإن كثيرا ممن يدعي ذلك لا يستطيع إقامة البرهان عليه.
ونقل الخطابي أن قوما أنكروا السحر مطلقا، وكأنه عنى القائلين بأنه تخييل فقط، وإلا فهي مكابرة.
وقال المازري: جمهور العلماء على إثبات السحر، وأن له حقيقة ونفى بعضهم حقيقته وأضاف ما يقع منه إلى خيالات باطلة، وهو مردود لورود النقل بإثبات السحر ولأن العقل لا ينكر أن الله تعالى قد يخرق العادة عند نطق الساحر بكلام ملفق وتركيب أجسام أو مزج بين قوى على ترتيب مخصوص، ونظير ما يقع من حذاق الأطباء من مزج بعض العقاقير ببعض حتى ينقلب الضار منها بمفرده فيصير بالتركيب نافعا، وقيل: لا يزيد تأثير السحر على ما ذكر الله تعالى في قوله " ما يفرقون به بين المرء وزوجه " (1) لكون المقام مقام تهويل، فلو جاز أن يقع أكثر من ذلك لذكره.
قال المازري: والصحيح من جهة العقل أنه يجوز أن يقع به أكثر من ذلك قال: والآية ليست نصا في منع الزيادة ولو قلنا إنها ظاهرة في ذلك.
ثم قال: والفرق بين السحر والمعجزة والكرامة أن السحر يكون بمعاناة أقوال وأفعال حتى يتم للساحر ما يريد، والكرامة لا تحتاج إلى ذلك بل إنما تقع غالبا انفاقا، وأما المعجزة فتمتاز من الكرامة بالتحدي.
ونقل إمام الحرمين الاجماع على أن السحر لا يظهر إلا عن فاسق، والكرامة