عرامة الغلام (1) في صغره ليكون حليما في كبره. ثم قال: ما ينبغي إلا أن يكون هكذا.
وروي أن أكيس الصبيان أشدهم بغضا للكتاب (2).
بيان: العرامة: سوء الخلق والفساد والمرح والأشرار، والمراد ميله إلى اللعب وبغضه للكتاب، أي عرامته في صغره علامة عقله وحلمه في كبره وينبغي أن يكون الطفل هكذا، فأما إذا كان منقادا ساكنا حسن الخلق في صغره يكون بليدا في كبره كما هو المجرب، والكتاب - بالتشديد -: المكتب.
55 - الدر المنثور: عن محمد بن كعب القرطي، قال: قرأت في التورية - أو قال: في صحف إبراهيم - فوجدت فيها يقول الله تعالى: يا ابن آدم ما أنصفتني! خلقتك ولم تك شيئا وجعلتك بشرا سويا، خلقتك من سلالة من طين ثم جعلتك نطفة في قرار مكين، ثم خلقت النطفة علقة، فخلقت العلقة مضغة، فخلقت المضغة عظاما، فكسوت العظام لحما، ثم أنشأتك خلقا آخر. يا ابن آدم! هل يقدر على ذلك غيري؟ ثم خففت ثقلك على أمك حتى لا تتبرم (3) بك وتتأذى، ثم أوحيت إلى الأمعاء أن اتسعي وإلى الجوارح أن تفرقي، فاتسعت الأمعاء من بعد ضيقها، وتفرقت الجوارح من بعد تشبيكها، ثم أوحيت إلى الملك الموكل بالأرحام أن يخرجك من بطن أمك، فاستخلصك (4) على ريشة من جناحه، فاطلعت عليك فإذا أنت خلق ضعيف ليس لك سن يقطع ولا ضرس يطحن، فاستخلصت لك في صدر أمك ثديا (5) يدر لك لبنا باردا في الصيف حارا في الشتاء، واستخلصته من بين جلد ولحم ودم وعروق، وقذفت لك في قلب والدتك الرحمة، وفي قلب أبيك التحنن، فهما يكدان ويجهدان، ويربيانك ويغذيانك، ولم يناما حتى ينومانك. ابن آدم! أنا فعلت ذلك بك لا بشئ استأهلته به مني أو لحاجة استعنت على قضائها. ابن آدم! فلما قطع