يكون عبارة عن الضعف أو عن معناه.
ورابعها ما حكي أن أبا الحسن الأخفش أجاب به، وهو أن يكون المراد أن الانسان خلق من تعجيل الامر، لأنه تعالى قال: " إنما قولنا لشئ إذا أردناه أن نقول له كن فيكون (1) " فإن قيل: كيف يطابق هذا الجواب قوله من بعد " فلا تستعجلون "؟ قلنا: يمكن أن يكون وجه المطابقة أنه لما استعجلوا بالآيات واستبطؤوها أعلمهم تعالى أنه ممن لا يعجزه شئ إذا أراده ولا يمتنع عليه، وأن من خلق الانسان بلا كلفة ولا مؤونة بأن قال له كن فكان، مع ما فيه من بدائع الصنعة وعجائب الحكمة التي يعجز عنها كل قادر ويحار فيها كل ناظر لا يعجزه إظهار ما استعجلوه من الآيات.
وخامسها ما أجاب به بعضهم من أن العجل الطين، فكأنه تعالى قال: خلق الانسان من طين، كما قال في موضع آخر " بدأ خلق الانسان من طين (2) " واستشهد بقول الشاعر:
والنبع يخرج بين الصخر ضاحية * والنخل ينبت بين الماء والعجل ووجدنا قوما يطعنون في هذا الجواب ويقولون: ليس بمعروف أن العجل هو الطين، وقد حكى صاحب كتاب العين عن بعضهم أن العجل الحمأة، ولم يستشهد عليه إلا أن البيت الذي أنشدناه يمكن أن يكون شاهدا له، وقد رواه تغلب عن ابن الأعرابي وخالف في شئ من ألفاظه، وإذا صح هذا الجواب فوجه المطابقة بين ذلك وبين قوله تعالى " فلا تستعجلون " على نحو ما ذكرناه، وهو أن من خلق الانسان مع الحكمة الظاهرة فيه من الطين لا يعجزه إظهار ما استعجلوه من الآيات، أو يكون المعنى أنه لا يجب بمن خلق من الطين المهين وكان أصله هذا الأصل الحقير الضعيف أن يهزأ برسل الله تعالى وآياته وشرائعه، لأنه تعالى قال قبل هذه الآية: " وإذا رآك الذين كفروا إن يتخذونك إلا هزوا أهذا الذي يذكر آلهتكم (3) ".