قال الشيخ المفيد - قدس سره - في كتاب المقالات: أقول: إن الطباع معان تحل الجسم يتهيأ بها للانفعال كالبصر وما فيه من الطبيعة التي بها يتهيأ لحلول الحس فيه والادراك. ثم قال: وإن ما يتولد بالطبع فإنما هو لمسببه بالفعل في المطبوع وأنه لا فعل على الحقيقة لشئ من الطباع، وهذا مذهب أبي القاسم الكعبي، وهو خلاف مذهب المعتزلة في الطباع وخلاف الفلاسفة الملحدين أيضا في ما ذهبوا إليه من أفعال الطباع. ثم قال: قد ذهب كثير من الموحدين إلى أن الأجسام كلها مركبة من الطبائع الأربع، وهي: الحرارة، والبرودة، والرطوبة، واليبوسة. واحتجوا في ذلك بانحلال كل جسم إليها وبما يشاهدونه من استحالتها كاستحالة الماء بخارا، والبخار ماءا، والموات حيوانا، والحيوان مواتا، ووجود النارية والمائية الهوائية و الترابية في كل جسم وأنه لا ينفك جسم من الأجسام من ذلك ولا يعقل على خلافه ولا ينحل إلا إليه، وهذا ظاهر مكشوف لست أجد لدفعه حجة أعتمد عليها، ولا أراه مفسدا لشئ من التوحيد أو العدل أو الوعيد أو النبوات أو الشرائع فأطرحه لذلك بل
(١٩٥)