على أرض رخوة غارقة بالماء. وكذلك بقاء شعر الحاجبين ودوامه على حالة واحدة إنما جاء من قبل اختياره للمادة، وكما أن العشب وسائر النبات ما كان منه ينبت في أرض رطبة سمينة خصبة فإنه يطول وينشأ نشوءا حسنا، وما كان منه في أرض صخرية جافة فإنه لا ينمو ولا يطول، كذلك أحد الامرين - انتهى كلامه ضاعف الله عذابه وانتقامه -.
وأقول: قد لاح من الكلام الردئ المشتمل على الكفر الجلي أمور:
الأول ما أسلفنا من أن الأنبياء المخبرين عن وحي السماء لم يقولوا بتوقف تأثير الصانع - تعالى شأنه - على استعداد المواد، ولا استحالة تعلق إرادته بإيجاد شئ من شئ بدون مرور زمان أو إعداد، وله أن يخلق كل شئ كان من أي شئ أراد.
الثاني أن الحكماء لم يكونوا يعتقدون نبوة الأنبياء ولم يؤمنوا بهم، وأنهم يزعمون أنهم أصحاب نظر وأصحاب آراء مثلهم، يخطئون ويصيبون، ولم يكن علومهم مقتبسة من مشكاة أنوارهم كما زعمه أتباعهم.
الثالث أنهم كانوا منكرين لأكثر معجزات الأنبياء عليهم السلام فإن أكثرها مما عدوها من المستحيلات.
الرابع: أنهم كانوا في جميع الأعصار معارضين لأرباب الشرائع والديانات كما هم في تلك الأزمنة كذلك (1).