أعلام الخير شيئا، يصيبهم فيه فزعات ثم فزعات، كل ذلك يتجلى عنهم، حتى إذا أمنوا مكر الله، وأمنوا عذابه، وظنوا أنهم قد استقروا صيح فيهم صيحة لم يكن لهم فيها مناد يسمعهم ولا يجمعهم، وذلك قول الله " حتى إذا أخذت الأرض زخرفها " إلى قوله " لقوم يتفكرون " (1) ألا إنه ليس أحد من الظلمة إلا ولهم بقيا إلا آل فلان فإنهم لا بقيا لهم، قال: جعلت فداك أليس لهم بقيا؟ قال: بلى ولكنهم يصيبون منا دما فبظلمهم نحن وشيعتنا فلا بقيا لهم (2).
بيان: البقيا بالضم الرحمة والشفقة.
59 - مناقب ابن شهرآشوب: قيل لأبي جعفر عليه السلام: محمد بن مسلم وجع، فأرسل إليه بشراب مع الغلام، فقال الغلام: أمرني أن لا أرجع حتى تشربه، فإذا شربت فأته، ففكر محمد فيما قال وهو لا يقدر على النهوض، فلما شرب واستقر الشراب في جوفه، صار كأنما أنشط من عقال، فأتى بابه فاستؤذن عليه، فصوت له صح الجسم فادخل فدخل وسلم عليه وهو باك، وقبل يده ورأسه، فقال عليه السلام: ما يبكيك يا محمد؟ قال:
على اغترابي، وبعد الشقة، وقلة المقدرة على المقام عندك والنظر إليك، فقال:
أما قلة المقدرة فكذلك جعل الله أولياءنا وأهل مودتنا، وجعل البلاء إليهم سريعا.
وأما ما ذكرت من الاغتراب فلك بأبي عبد الله أسوة بأرض ناء عنا بالفرات صلى الله عليه.
وأما ما ذكرت من بعد الشقة فان المؤمن في هذه الدار غريب، وفي هذا الخلق منكوس، حتى يخرج من هذه الدار إلى رحمة الله.
وأما ما ذكرت من حبك قربنا والنظر إلينا وأنك لا تقدر على ذلك، فلك ما في قلبك وجزاؤك عليه (3).