فضل بفضله (1).
52 - الإرشاد: كان زيد بن علي بن الحسين عليه السلام عين أخوته بعد أبي جعفر عليه السلام، وأفضلهم وكان عابدا ورعا فقيها سخيا شجاعا، وظهر بالسيف يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر ويطلب بثارات الحسين عليه السلام.
أخبرني الشريف أبو محمد الحسن بن محمد، عن جده، عن الحسن بن يحيى، عن الحسن بن الحسين، عن يحيى بن مساور، عن أبي الجارود زياد بن المنذر قال: قدمت المدينة، فجعلت كلما سألت عن زيد بن علي قيل لي: ذاك حليف القرآن، وروى هشيم قال: سألت خالد بن صفوان، عن زيد بن علي وكان يحدثنا عنه فقلت: أين لقيته؟ قال: بالرصافة فقلت: أي رجل كان؟ قال: كان ما علمت يبكي من خشية الله حتى يختلط دموعه بمخاطه.
واعتقد كثير من الشيعة فيه الإمامة، وكان سبب اعتقادهم ذلك فيه، خروجه بالسيف يدعو إلى الرضا من آل بيت محمد، فظنوه يريد بذلك نفسه، ولم يكن يريدها به، لمعرفته باستحقاق أخيه الإمامة من قبله، ووصيته عند وفاته إلى أبي عبد الله عليه السلام.
وكان سبب خروج أبي الحسين زيد بن علي بن الحسين رضي الله عنه بعد الذي ذكرناه من غرضه في الطلب بدم الحسين عليه السلام أنه دخل على هشام بن عبد الملك، وقد جمع له هشام أهل الشام وأمر أن يتضايقوا في المجلس حتى لا يتمكن من الوصول إلى قربه، فقال له زيد: إنه ليس من عباد الله أحد فوق أن يوصي بتقوى الله، ولا من عباده أحد دون أن يوصي بتقوى الله وأنا أوصيك بتقوى الله يا أمير المؤمنين فاتقه، فقال له هشام: أنت المؤهل نفسك للخلافة، الراجي لها؟ وما أنت وذاك لا أم لك وإنما أنت من أمة، فقال له زيد: إني لا أعلم أحدا أعظم منزلة عند الله من نبي بعثه وهو ابن أمة، فلو كان ذلك يقصر عن منتهى غاية لم يبعث، وهو إسماعيل ابن إبراهيم عليهما السلام، فالنبوة أعظم منزلة عند الله أم الخلافة يا هشام؟ وبعد فما يقصر