بيان: أخلص الله لي هواي: أي جعل الله محبتي خالصة لكم، فصار تأييده تعالى سببا لان لا أخطئ الهدف، وأصيب كلما أريده من مدحكم، وإن لم أبالغ فيه، يقال: أغرق النازع في القوس إذا استوفى مدها، ثم استعير لكل من بالغ في شئ ويقال: طاش السهم عن الهدف أي عدل، وإنما غير عليه السلام شعره لإيهامه بتقصير وعدم اعتناء في مدحهم، أو لان الاغراق في النزع لا مدخل له في إصابة الهدف، بل الامر بالعكس، مع أن فيما ذكره عليه السلام معنى لطيفا كاملا وهو أن المداحين إذا بالغوا في مدح ممدوحهم، خرجوا عن الحق، وكذبوا فيما يثبتون له، كما أن الرامي إذا أغرق نزعا أخطأ الهدف، وإني كلما أبالغ في مدحكم، لا يعدل سهمي عن هدف الحق والصدق.
28 - مناقب ابن شهرآشوب: بكر بن صالح، أن عبد الله بن المبارك أتى أبا جعفر عليه السلام فقال:
إني رويت عن آبائك عليهم السلام أن كل فتح بضلال فهو للامام، فقال: نعم، قلت:
جلعت فداك فإنهم أتوا بي من بعض فتوح الضلال، وقد تخلصت ممن ملكوني بسبب وقد أتيتك مسترقا مستعبدا قال عليه السلام: قد قبلت، فلما كان وقت خروجه إلى مكة قال: إني مذ حججت فتزوجت ومكسبي مما يعطف علي أخواني، لا شئ لي غيره، فمرني بأمرك فقال عليه السلام: انصرف إلى بلادك، وأنت من حجك وتزويجك وكسبك في حل، ثم أتاه بعد ست سنين، وذكر له العبودية التي ألزمها نفسه فقال: أنت حر لوجه الله تعالى، فقال: اكتب لي به عهدا فخرج كتابه بسم الله الرحمن الرحيم هذا كتاب محمد بن علي الهاشمي العلوي لعبد الله بن المبارك فتاه إني أعتقتك لوجه الله، والدار الآخرة، لا رب لك إلا الله، وليس عليك سيد و أنت مولاي ومولى عقبي من بعدي، وكتب في المحرم سنة ثلاث عشرة ومائة، و وقع فيه محمد بن علي بخط يده وختمه بخاتمه (1).
29 - الكافي: محمد بن يحيى، ومحمد بن أحمد عن السياري، عن أحمد بن زكريا الصيدلاني، عن رجل من بني حنيفة، من أهل بست وسجستان قال: رافقت أبا