منها بقلبه، فقال الرجل: هلكنا، فقال: كلا إن الله عز وجل متمم ذلك بالنوافل، وكان عليه السلام ليخرج في الليلة الظلماء فيحمل الجراب على ظهره، وفيه الصرر من الدنانير والدراهم وربما حمل على ظهره الطعام أو الحطب حتى يأتي بابا بابا فيقرعه، ثم يناول من يخرج إليه وكان يغطي وجهه إذا ناول فقيرا لئلا يعرفه فلما توفي عليه السلام فقدوا ذلك، فعلموا أنه كان علي بن الحسين عليه السلام، ولما وضع عليه السلام على المغتسل نظروا إلى ظهره وعليه مثل ركب الإبل. مما كان يحمل على ظهره إلى منازل الفقراء والمساكين، ولقد خرج ذات يوم وعليه مطرف خز فتعرض له سائل فتعلق بالمطرف فمضى وتركه، وكان يشتري الخز في الشتاء وإذا جاء الصيف باعه فتصدق بثمنه، ولقد نظر عليه السلام يوم عرفة إلى قوم يسألون الناس فقال: ويحكم أغير الله تسألون في مثل هذا اليوم إنه ليرجى في هذا اليوم لما في بطون الحبالى أن يكون سعيدا ولقد كان عليه السلام يأبى أن يواكل أمه، فقيل له يا ابن رسول الله أنت أبر الناس وأوصلهم للرحم فكيف لا تواكل أمك؟ فقال: إني أكره أن تسبق يدي إلى ما سبقت عينها إليه، ولقد قال له رجل: يا ابن رسول الله إني لأحبك في الله حبا شديدا، فقال: اللهم إني أعوذ بك أن أحب فيك وأنت لي مبغض، ولقد حج على ناقة له عشرين حجة فما قرعها بسوط، فلما نفقت (1) أمر بدفنها لئلا يأكلها السباع، ولقد سئلت عنه مولاة له فقالت: أطنب وأختصر؟ فقيل لها:
بل اختصري، فقالت: ما أتيته بطعام نهارا قط، وما فرشت له فراشا بليل قط، ولقد انتهى ذات يوم إلى قوم يغتابونه فوقف عليهم، فقال لهم: إن كنتم صادقين فغفر الله لي، وإن كنتم كاذبين فغفر الله لكم، وكان عليه السلام إذا جاءه طالب علم فقال: مرحبا بوصية رسول الله صلى الله عليه وآله، ثم يقول: إن طالب العلم إذا خرج من منزله لم يضع رجليه على رطب ولا يابس من الأرض إلا سبحت له إلى الأرضين السابعة، ولقد كان يعول مائة أهل بيت من فقراء المدينة، وكان يعجبه أن يحضر طعامه اليتامى والأضراء والزمني والمساكين الذين لا حيلة لهم، وكان يناولهم بيده، ومن كان