60 - مناقب ابن شهرآشوب: حبابه الوالبية قالت: رأيت رجلا بمكة أصيلا في الملتزم، أو بين الباب والحجر، على صعدة من الأرض، وقد حزم وسطه على المئرز بعمامة خز والغزالة تخال على قلل الجبال كالعمائم على قمم الرجال، وقد صاعد كفه وطرفه نحو السماء ويدعو، فلما انثال الناس عليه يستفتونه عن المعضلات ويستفتحون أبواب المشكلات، فلم يرم حتى أفتاهم في ألف مسألة، ثم نهض يريد رحله، ومناد ينادي بصوت صهل: ألا إن هذا النور الأبلج المسرج، والنسيم الأرج، والحق المرج، وآخرون يقولون من هذا؟ فقيل: محمد بن علي الباقر، علم العلم والناطق عن الفهم، محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب عليهم السلام (1).
وفي رواية أبي بصير: ألا إن هذا باقر علم الرسل، وهذا مبين السبل هذا خير من رسخ في أصلاب أصحاب السفينة، هذا ابن فاطمة الغراء العذراء الزهراء هذا بقية الله في أرضه، هذا ناموس الدهر، هذا ابن محمد وخديجة وعلي وفاطمة هذا منار الدين القائمة.
بيان: الأصيل وقت العصر وبعده، والغزالة الشمس، والقمم بكسر القاف وفتح الميم، جمع قمة بالكسر، وهي أعلى الرأس، أي كانت الشمس في رؤوس الجبال تتخيل كأنها عمامة على رأس رجل لاتصالها برؤوسها وقرب أفولها، والغرض كون الوقت آ خر اليوم، ومع ذلك أفتى في ألف مسألة، ويقال: ما رمت المكان بالكسر أي ما برحت، والصهل محركة حدة الصوت مع بحح، والأبلج الواضح والمضئ والتسريح الارسال والاطلاق أي المرسل لهداية العباد، أو بالجيم من الاسراج بمعنى إيقاد السراج وهو أنسب، والأرج بكسر الراء من الأرج بالتحريك وهو توهج ريح الطيب، والمرج إما بضم الميم وكسر الراء وتشديد الجيم، من الرج وهو التحرك والاهتزاز. لتحركه بين الناس، أو لاضطرابه من خوف الأعداء، أو بفتح الميم وكسر الراء وتخفيف الجيم من قولهم مرج الدين إذا فسد، أي الذي ضاع بين الناس قدره، وقوله: علم العلم، بتحريك المضاف، والناموس صاحب سر